تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٦٣
إلى الكل لأنهم الأصول في الخطاب والباقي أتباع لهم ولأن توجه الأمر إليهم آكدو عدم التعرض للمأمور به إما لظهور أن المراد به الحق والخير لأن الله لا يأمر بالفحشاء لا سيما بعد ذكر هداية القرآن لما يهدي إليه وإما لأن المراد وجد منا الأمر كما يقال فلان يعطي ويمنع «ففسقوا فيها» أي خرجوا عن الطاعة وتمردوا «فحق عليها القول» أي ثبت وتحقق موجبه بحلول العذاب إثر ما ظهر منهم من الفسق والطغيان «فدمرناها» بتدمير أهلها «تدميرا» لا يكتنه كنهه ولا يوصف هذا هو المناسب لما سبق وقيل الأمر مجاز عن الحمل على الفسق والتسبب له بأن صب عليهم ما أبطرهم وأفضى بهم إلى الفسوق وقيل هو بمعنى التكثير يقال أمرت الشيء فأمر أي كثرته فكثر وفي الحديث خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة أي كثيرة النتاج ويعضده قراءة آمرنا وأمرنا من الإفعال والتفعيل وقد جعلتا من الإمارة أي جعلناهم أمراء وكل ذلك لا يساعده مقام الزجر عن الضلال والحث على الاهتداء فإن مؤدى ذلك أن طغيانهم منوطا بإرادة الله سبحانه وإنعامه عليهم بنعم وافرة أبطرتهم وحملتهم على الفسق حملا حقيقا بأن يعبر عنه بالأمر به «وكم أهلكنا» أي وكثيرا ما أهلكنا «من القرون» بيان لكم وتمييز له والقرن مدة من الزمان يخترم فيها القوم وهي عشرون أو ثلاثون أو أربعون أو ثمانون أو مائة وقد أيد ذلك بأنه عليه الصلاة والسلام دعا لرجل فقال عش قرنا فعاش مائة سنة أو مائة وعشرون «من بعد نوح» من بعد زمنه عليه الصلاة والسلام كعاد وثمود ومن بعدهم ممن قصت أحوالهم في القرآن العظيم ومن لم تقص وعدم نظم قومه عليه الصلاة والسلام في تلك القرون المهلكة لظهور أمرهم على أن ذكره عليه الصلاة والسلام رمز إلى ذكرهم «وكفى بربك» أي كفى ربك «بذنوب عباده خبيرا بصيرا» يحيط بظواهرها وبواطنها فيعاقب عليها وتقديم الخبير لتقدم متعلقة من الاعتقادات والنيات التي هي مبادئ الأعمال الظاهرة أو لعمومه حيث يتعلق بغير المبصرات أيضا وفيه إشارة إلى أن البعث والأمر وما يتلوهما من فسقهم ليس لتحصيل العلم بما صدر عنهم من الذنوب فإن ذلك حاصل قبل ذلك وإنما هو لقطع الأعذار وإلزام الحجة من كل وجه «من كان يريد» بأعماله التي يعملها سواء كان ترتب المراد عليها بطريق الجزاء كأعمال البر أو بطريق ترتب المعلولات على العلل كالأسباب أو بأعمال الآخرة فالمراد بالمريد على الأول الكفرة وأكثر الفسقة وعلى الثاني أهل الرياء والنفاق والمهاجر للدنيا والمجاهد لمحض الغنيمة «العاجلة» فقط من غير أن يريد معها الآخرة كما ينبئ عنه الاستمرار المستفاد من زيادة كان ههنا مع الاقتصار على مطلق الإرادة في قسيمة والمراد بالعاجلة الدار الدنيا وبإرادتها إرادة ما فيها من فنون مطالبها كقوله تعالى ومن كان يريد حرث الدنيا ويجوز ان يراد الحياة العاجلة كقوله عز وجل من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها لكن الأول أنسب بقوله «عجلنا له فيها» أي في تلك العاجلة فإن
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272