تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٧١
عن التعرض له ومن إفضاء ذلك إليه وللتوسل إلى الاستثناء بقوله تعالى «إلا بالتي هي أحسن» أي إلا بالخصلة والطريقة التي هي أحسن الخصال والطرائق وهي حفظه واستثماره «حتى يبلغ أشده» غاية لجواز التصرف على الوجه الأحسن المدلول عليه بالاستثناء لا للوجه المذكور فقط «وأوفوا بالعهد» سواء جرى بينكم وبين ربكم أو بينكم وبين غيركم من الناس والإيفاء بالعهد والوفاء به هو القيام بمقتضاه والمحافظة عليه ولا يكاد يستعمل إلا بالباء فرقا بينه وبين الإيفاء الحسي كإيفاء الكيل والوزن «إن العهد» أظهر في مقام الإضمار إظهارا لكمال العناية بشأنه أو لأن المراد مطلق العهد المنتظم للعهد المعهود «كان مسؤولا» أي مسؤولا عنه على حذف الجار وجعل الضمير بعد انقلابه مرفوعا مستكنا في اسم المفعول كقوله تعالى «وذلك يوم مشهود» أي مشهود فيه ونظيره ما في قوله تعالى تلك آيات الكتاب الحكيم على أن أصله الحكيم قائله فحذف المضاف وجعل الضمير مستكنا في الحكيم بعد انقلابه مرفوعا ويجوز أن يكون تخييلا كأنه يقال للعهد لم نكثت وهلا وفي بك تبكيتا للناكث كما يقال للموءودة بأي ذنب قتلت «وأوفوا الكيل» أي أتموه ولا تخسروه «إذا كلتم» أي وقت كيلكم للمشترين وتقييد الأمر بذلك لما أن التطفيف هناك يكون وأما وقت الاكتيال على الناس فلا حاجة إلى الأمر بالتعديل قال تعالى إذا اكتالوا على الناس يستوفون الآية «وزنوا بالقسطاس» وهو القرسطون وقيل كل ميزان صغيرا كان أو كبيرا رومي معرب ولا يقدح ذلك في عربية القرآن لانتظام المعربات في سلك الكلم العربية وقرئ بضم القاف «المستقيم» أي العدل السوي ولعل الاكتفاء باستقامته عن الأمر بإيفاء الوزن لما أن عند استقامته لا يتصور الجور غالبا بخلاف الكيل فإنه كثيرا ما يقع التطفيف مع استقامة الآلة كما أن الاكتفاء بإيفاء الكيل عن الأمر بتعديله لما أن إيفاءه لا يتصور بدون تعديل المكيال وقد أمر بتقويمه أيضا في قوله تعالى وأوفوا الكيل والميزان بالقسط «ذلك» أي إيفاء الكيل والوزن بالميزان السوي «خير» في الدنيا إذ هو أمانة توجب الرغبة في معاملته والذكر الجميل بين الناس «وأحسن تأويلا» عاقبة تفعيل من آل إذا رجع والمراد ما يؤول إليه «ولا تقف» ولا تتبع من قفا أثره إذا تبعه وقرئ ولا تقف من قاف أثره أي قفاه ومنه القافة في جمع القائف «ما ليس لك به علم» أي لا تكن في اتباع مالا علم لك به من قول أو فعل كمن يتبع مسلكا لا يدري أنه يوصله إلى مقصده واحتج به من منع اتباع الظن وجوابه أن المراد بالعلم هو الاعتقاد الراجح المستفاد من سند قطعيا كان أو ظنيا واستعماله بهذا المعنى مما لا ينكر شيوعه وقيل إنه مخصوص بالعقائد وقيل بالرمي وشهادة الزور ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم من قفا مؤمنا بما ليس فيه حبسه الله تعالى في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج ومنه قول الكميت * ولا أرمي البرئ بغير ذنب * ولا أقفوا الحواصن إن رمينا * «إن السمع والبصر والفؤاد» وقرئ بفتح الفاء والواو المقلوبة من الهمزة عند ضم الفاء «كل أولئك»
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272