الكتاب «هدى لبني إسرائيل» يهتدون بما في مطاويه «ألا تتخذوا» أي لا تتخذوا نحو كتبت إليه أن أفعل كذا وقرئ بالياء على أن أن مصدرية والمعنى آتينا موسى الكتاب لهداية بني إسرائيل لئلا يتخذوا «من دوني وكيلا» أي ربا تكلون إليه أموركم والإفراد لما أن فعيلا مفرد في اللفظ جمع في المعنى «ذرية من حملنا مع نوح» نصب على الاختصاص أو النداء على قراءة النهي والمراد تأكيد الحمل على التوحيد بتذكير إنعامه تعالى عليهم في ضمن إنجاء آبائهم من الغرق في سفينة نوح عليه السلام أو على أنه أحد مفعولي لا يتخذوا على قراءة النفي ومن دوني حال من وكيلا فيكون كقوله تعالى ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من واو لا تتخذوا بإبدال الظاهر من ضمير المخاطب كما هو مذهب بعض البغاددة وقرئ ذرية بكسر الذال «أنه» أي أن نوحا عليه الصلاة والسلام «كان عبدا شكورا» كثير الشكر في مجامع حالاته وفيه إيذان بأن إنجاء من معه كان ببركة شكره عليه الصلاة والسلام وحث للذرية على الاقتداء به وزجر لهم عن الشرك الذي هو أعظم مراتب الكفران وقيل الضمير لموسى عليه السلام «وقضينا» أي أتممنا وأحكمنا منزلين «إلى بني إسرائيل» أي موحين إليهم «في الكتاب» أي في التوراة فإن الإنزال والوحي إلى موسى عليه السلام إنزال ووحي إليهم «لتفسدن في الأرض» جواب قسم محذوف ويجوز إجراء القضاء المحتوم مجرى القسم كأنه قيل وأقسمنا لتفسدن «مرتين» مصدر والعامل فيه من غير جنسه أولاهما مخالفة حكم التوراة وقتل شعياء عليه الصلاة والسلام وحبس أرمياء حين أنذرهم سخط الله تعالى والثانية قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى عليهم الصلاة والسلام «ولتعلن علوا كبيرا» لتستكبرن عن طاعة الله سبحانه أو لتغلبن الناس بالظلم والعدوان وتفرطن في ذلك إفراطا مجاوز للحدود «فإذا جاء وعد أولاهما» أي أولي كرتي الإفساد أي حان وقت حلول العقاب الموعود «بعثنا عليكم» لمؤاخذتكم بجناياتكم «عبادا لنا» وقرئ عبيدا لنا «أولي بأس شديد» ذوي قوة وبطش في الحروب هم سنجاريب من أهل نينوى وجنوده وقيل بخت نصر عامل لهراسب وقيل جالوت «فجاسوا» أي ترددوا لطلبكم بالفساد وقرئ بالحاء والمعنى واحد وقرئ وجوسوا «خلال الديار» في أوساطها للقتل والغارة وقرئ خلل الديار فقتلوا علماءهم وكبارهم وأحرقوا التوراة وخربوا المسجد وسبوا منهم سبعين ألفا وذلك من قبيل تولية بعض الظالمين بعضا مما جرت
(١٥٦)