تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٨٤
كما أشير إليه وإيراده عليه السلام باسمه العلمي لزيادة تعيين المراد بالخليفة ولأن ذكره بعنوان الخلافة لا يلائم مقام تمهيد مباديها وهو اسم أعجمي والأقرب أن وزنه فاعل كشالخ وعاذر وعابر وفالغ لا أفعل والتصدي لاشتقاقه من الأذمة أو الأدمة بالفتح بمعنى الأسوة أو من أديم الأرض بناء على ما روى عنه صلى الله عليه وسلم من أنه تعالى قبض قبضة من جميع الأرض سهلها وحزنها فخلق منها آدم ولذلك اختلفت ألوان ذريته أو من الأدم والأدمة بمعنى الألفة تعسف كاشتقاق إدريس من الدرس ويعقوب من العقب وإبليس من الإبلاس والاسم باعتبار الاشتقاق ما يكون علامة للشئ ودليلا يرفعه إلى الذهن من الألفاظ والصفات والأفعال واستعماله عرفا في اللفظ الموضوع لمعنى مفردا كان أو مركبا مخبرا عنه أو خبرا أو رابطة بينهما واصطلاحا في المفرد الدال على معنى في نفسه غير مقترن بالزمان والمراد ههنا أما الأول أو الثاني وهو مستلزم للأول إذ العلم بالألفاظ من حيث الدلالة على المعاني مسبوق بالعلم بها والتعليم حقيقة عبارة عن فعل يترتب عليه العلم بلا تخلف عنه ولا يحصل ذلك بمجرد إضافة المعلم بل يتوقف على استعداد المتعلم لقبول الفيض وتلقيه من جهته كما مر في تفسير الهدى وهو السر في إيثاره على الإعلام والإنباء فإنهما إنما يتوقفان على سماع الخبر الذي يشترك فيه البشر والملك وبه يظهر أحقيته بالخلافة منهم عليهم السلام لما ان جباتهم غير مستعدة للإحاطة بتفاصيل أحوال الجزئيات الجسمانية خبرا فمعنى تعليمه تعالى إياه ان يخلق فيه إذ ذاك بموجب استعداده علما ضروريا تفصيليا بأسماء جميع المسميات وأحوالها وخواصها اللائقة بكل منها أو يلقى في روعة تفصيلا ان هذا فرس وشأنه كيت وكيت وذاك بعير وحاله ذيت وذيت إلى غير ذلك من أحوال الموجودات فيتلقاها عليه السلام حسبما يقتضيه استعداده ويستدعيه قابليته المتفرعة على فطرته المنطوية على طبائع متباينة وقوى متخالفة وعناصر متغايرة قال ابن عباس وعكرمة وقتادة ومجاهد وابن جبير رضي الله عنهم علمه أسماء جميع الأشياء حتى القصعة والقصيعة وحتى الجفنة والمحلب وأنحى منفعة كل شئ إلى جنسه وقيل أسماء ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة وقيل معنى قوله تعالى وعلم آدم الأسماء خلقه من اجزاء مختلفة وقوى متباينة مستعدا لإدراك أنواع المدركات من المعقولات والمحسوسات والمتخيلات والموهومات وألهمه معرفة ذوات الأشياء وأسمائها وخواصها ومعارفها وأصول العلم وقوانين الصناعات وتفاصيل آلاتها وكيفيات استعمالاتها فيكون ما مر من المقاولة قبل خلقه عليه السلام وقيل التعليم على ظاهره ولكن هناك جملا مطوية عطف عليها المدلول المدكور أي فخلقه فسواه ونفخ فيه الروح وعلمه الخ (ثم عرضهم على الملائكة) الضمير للمسميات المدلول عليها بالأسماء كما في قوله تعالى «واشتعل الرأس شيبا» والتذكير لتغليب العقلاء على غيرهم وقرئ عرضهن وعرضها أي عرض مسمياتهن أو مسمياتها في الحديث انه تعالى عرضهم أمثال الذر ولعله عز وجل عرض عليهم من افراد كل نوع ما يصلح ان يكون أنموذجا يتعرف منه أحوال البقية واحكامها «فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء» تبكيتا لهم واظهارا لعجزهم عن إقامة ما علقوا به رجاءهم من امر الخلافة فإن التصرف والتدبير وإقامة المعدلة بغير وقوف على مراتب الاستعدادات ومقادير الحقوق مما لا يكاد يمكن والإنباء اخبار فيه اعلام ولذلك يجرى مجرى كل منهما والمراد ههنا ما خلا عنه وايثاره
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271