تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٦
قلب وفراغ جنان فبينما أنا في هذا الخيال إذ بدا لي ما لم يخطر بالبال تحولت الأحوال والدهر حول فوقعت في أمر أشق من الأول أمرت بحل مشكلات الأنام فيما شجر بينهم من النزاع والخصام فلقيت معضلة طويلة الذيول وصرت كالهارب من المطر إلى السيول فبلغ السيل الزبى وغمرني أي غمر غوارب ما جرى بين زيد وعمرو فأضحيت في ضيق المجال وسعة الأشغال أشهر ممن يضرب بها الأمثال فجعلت أتمثل بقول من قال لقد كنت أشكوك الحوادث برهة * وأستمرض الأيام وهي صحائح إلى أن تغشتني وقيت حوادث * تحقق أن السالفات منائح فلما أنصرمت عرى الآمال عن الفوز بفراغ البال ورأيت أن الفرصة على جناح الفوات وشمل الأسباب في شرف الشتات وقد مسني الكبر وتضاءلت القوى والقدر ودنا الأجل من الحلول وأشرفت شمس الحياة على الأفول عزمت على إنشاء ما كنت أنويه وتوجهت إلى إملاء ما ظلت أبتغيه ناويا أن أسميه عند تمامه بتوفيق الله تعالى وإنعامه إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم فشرعت فيه مع تفاقم المكاره على وتزاحم المشادة بين يدي متضرعا إلى رب العظمة والجبروت خلاق عالم الملك والملكوت في أن يعصمني عن الزيغ والزلل ويقيني مصارع السوء في القول والعمل ويوفقني لتحصيل ما أرومه وأرجوه ويهديني إلى تكميله على أحسن الوجوه ويجعله خير عدة وعتاد أتمتع به يوم المعاد فيامن توجهت وجوه الذل والابتهال نحو بابه المنيع ورفعت أيدي الضراعة والسؤال إلى جنابه الرفيع أفض علينا شوارق أنوار التوفيق وأطلعنا على دقائق أسرار التحقيق وثبت أقدامنا على مناهج هداك وأنطقنا بما فيه أمرك ورضاك ولا تكلنا إلى أنفسنا في لحظة ولا آن وخذ بناصيتنا إلى الخير حيث كان جئناك على جباه الإستكانة ضارعين ولأبواب فيضك قارعين أنت الملاذ في كل أمر هم وأنت المعاذ في كل خطب ملم لا رب وغيرك ولا خير إلا خيرك بيدك مقاليد الأمور لك الخلق والأمر وإليك النشور
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271