النظر الكليل بالهداية السبحانية من عوارف معارف يمتد إليها أعناق الهمم من كل ماهر لبيب وغرائب رغائب ترنوا إليها أحداق الأمم من كل نحرير أريب وتحقيقات رصينة تقيل عثرات الأفهام في مداحض الإقدام وتدقيقات متينة تزيل خطرات الأوهام من خواطر الأنام في معارك أفكار يشتبه فيها الشؤون ومدارك أنظار يختلط فيها الظنون وأبرز من وراء أستار الكمون من دقائق السر المخزون في خزائن الكتاب المكنون ما تطمئن إليه النفوس وتقر به العيون من خفايا الرموز وخبايا الكنوز وأهديها إلى الخزانة العامرة الغامرة للبحار الزاخرة لجناب من خصه الله تعالى بخلافة الأرض واصطفاه سلطنتها في الطول والعرض ألا وهو السلطان الأسعد الأعظم والخاقان الأمجد الأفخم مالك الإمامة العظمى والسلطان الباهر وارث الخلافة الكبرى كابرا عن كابر رافع رايات الدين الأزهر موضح آيات الشرع الأنور مرغم أنوف الفراعنة والجبابرة معفر جباه القياصره والأكاسرة فاتح بلاد المشارق والمغارب بنصر الله العزيز وجنده الغالب الهمام الذي شرق عزمه المنير فانتهى إلى المشرق الأسنى وغرب حتى بلغ مغرب الشمس أو دنا بخميس عرمرم متزاحم الأفواج وعسكر كخضم متلاطم الأمواج فأصبح ما بين أفقى الطلوع والغروب وما بين نقطتى الشمال والجنوب منتظما في سلك ولاياته الواسعة ومندرجا تحت ظلال راياته الرائعة فأصبحت منابر الربع المسكون مشرفة بذكر اسمه الميمون فياله من ملك استوعب ملكه البر البسيط واستعرق فلكه وجه البحر المحيط فكأنه فضاء ضربت فيه خيامه أو نصبت عليه ألويته وأعلامه مالك ممالك العالم ظل الله الظليل على كافة الأمم قاصم القياصرة وقاهر القروم سلطان العرب والعجم والروم وسلطان المشرقين وخاقان الخافقين الإمام المقتدر بالقدرة الربانية والخليفة المعتز بالعزة السبحانية المفتخر بخدمة الحرمين الجليلين المعظمين وحماية المقامين الجميلين المفخمين ناشر القوانين السلطانية عاشر الخواقين العثمانية السلطان ابن السلطان السلطان سليمان خان بن السلطان المظفر المنصور والخاقان الموقر المشهور صاحب المغازي المشهورة في أقطار الأمصار والفتوحات المذكورة في صحائف الأسفار السلطان سليم خان بن السلطان السعيد والخاقان المجيد السلطان بايزيد خان لا زالت سلسلة سلطنته متسلسلة إلى انتهاء سلسلة الزمان وأرواح أسلافه العظام متنزهة في روضة الرضوان وكنت أتردد في ذلك بين إقدام وإحجام لقصور شأني وعزة المرام أين الحضيض من الذرى شتان بين الثريا والثرى وهيهات اصطياد العنقاء بالشباك واقتياد الجوزاء من بروج الأفلاك فمضت عليه الدهور والسنون وتغيرت الأطوار وتدلت الشؤون فابتليت بتدبير مصالح العباد برهة في قضاء البلاد وأخرى في قضاء العساكر والأجناد فحال بيني وبين ما كنت أخال تراكم المهمات وتزاحم الأشغال وجموم العوارض والعلائق وهجوم الصوارف والعوائق والتردد إلى المغازي والأسفار والتنقل من دار إلى دار وكنت في تضاعيف هاتيك الأمور أقدر في نفسي أن أنتهز نهزة من الدهور ويتسنى لي القرار وتطمئن بي الدار وأظفر حينئذ بوقت خال أتبتل فيه إلى جناب ذي العظمة والجلال وأوجه إليه وجهتي وأسلم له سرى وعلانيتي وأنظر إلى كل شيء بعين الشهود وأتعرف سر الحق في كل موجود تلافيا لما قد فات واستعدادا لما هو آت وأتصدى لتحصيل ما عزمت عليه وأتولى لتكميل ما توجهت إليه برفاهة واطمئنان وحضور
(٥)