النزول كما قيل أما الأول فبين إذ ليس المراد بالكتاب القدر المشترك الصادق على ما يقرأ في الصلاة حتى تعتبر في التسمية مبدئيتها له وأما الأخيران فلأن اعتبار المبدئية من حيث التعليم أو من حيث النزول يستدعي مراعاة الترتيب في بقية أجزاء الكتاب من تينك الحيثيتين ولا ريب في أن الترتيب التعليمي والترتيب النزولي ليسا على نسق الترتيب المعهود وتسمى أم القرآن لكونها أصلا ومنشأ له إما لمبدئيتها له وإما لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله عز وجل والتعبد بأمره ونهيه وبيان وعده ووعيده أو على جملة معاينه من الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء والمراد بالقرآن هو المراد بالكتاب وتسمى أم الكتاب أيضا كما يسمى بها اللوح المحفوظ لكونه أصلا لكل الكائنات والآيات الواضحة الدالة على معانيها لكونها بينة تحمل عليها المتشابهات ومناط التسمية ما ذكر في أم القرآن لا ما أورده الإمام البخاري في صحيحة من أنه يبدأ بقراءتها في الصلاة فإنه مما لا تعلق له بالتسمية كما أشير إليه وتسمى سورة الكنز لقوله صلى الله عليه وسلم أنها أنزلت من كنز تحت العرش أو لما ذكر في أم القرآن كما أنه الوجه في تسميتها الأساس والكافية والوافية وتسمى سورة الحمد والشكر والدعاء وتعليم المسئلة لاشتمالها عليها وسورة الصلاة لوجوب قراءتها فيها وسورة الشفاء والشافية لقوله صلى الله عليه وسلم هي شفاء من كل داء والسبع المثاني لأنها سبع آيات تثنى في الصلاة أو لتكرر نزولها على ما روى أنها نزلت مرة بمكة حين فرضت الصلاة وبالمدينة أخرى حين حولت القبلة وقد صح أنها مكية لقوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني وهو مكي بالنص «بسم الله الرحمن الرحيم» اختلف الأئمة في شأن التسمية في أوائل السور الكريمة فقيل إنها ليست من القرآن أصلا وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه ومذهب مالك والمشهور من مذهب قدماء الحنفية وعليه قراء المدينة والبصرة والشام وفقهاؤها وقيل إنها آية فذة من القرآن أنزلت للفصل والتبرك بها وهو الصحيح من مذهب الحنفية وقيل هي آية تامة من كل سورة صدرت بها وهو قول ابن عباس وقد نسب إلى ابن عمر أيضا رضي الله عنهم وعليه يحمل إطلاق عبارة ابن الجوزي في زاد المسير حيث قال روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنها أنزلت مع كل سورة وهو أيضا مذهب سعيد بن جبير والزهري وعطاء وعبد الله بن المبارك وعليه قراء مكة والكوفة وفقهاؤهما وهو القول الجديد للشافعي رحمة الله ولذلك يجهر بها عنده فلا عبرة بما نقل عن الجصاص من أن هذا القول من الشافعي لم يسبقه إليه أحد وقيل إنها آية من الفاتحة مع كونها قرآنا في سائر السور أيضا من غير تعرض لكونها جزأ منها أو لا ولا لكونها آية تامة أولا وهو أحد قولي الشافعي على ما ذكره القرطبي ونقل عن الخطابي انه قول ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم وقيل أنها آية تامة في الفاتحة وبعض في البواقي وقيل بعض آية في الفاتحة وآية تامة في البواقي وقيل أنها بعض آية في الكل وقيل أنها آيات من القرآن متعددة بعدد السور المصدرة بها من غير أن تكون جزء منها وهذا القول غير معزى في الكتب إلى أحد وهناك قول آخر ذكره بعض المتأخرين ولم ينسبه إلى أحد وهو أنها آية تامة في الفاتحة وليست بقرآن في سائر السور ولولا اعتبار كونها آية تامة لكان ذلك أحد محملى تردد الشافعي فإنه قد نقل عنه انها بعض آية في الفاتحة وأما في غيرها فقوله فيها
(٨)