وفصاحته لا في الآخرة لما أنه يظهر هناك كذبه وقبحه وقيل لما يرهقه من الحبسة واللكنة وأنت خبير بأنه لا مبالغة حينئذ في سوء حاله فإن مآله بيان حسن كلامه في الدنيا وقبحه في الآخرة وقيل معنى في الحياة الدنيا مدة الحياة الدنيا أي لا يصدر منه فيها إلا القول الحسن «ويشهد الله على ما في قلبه» أي بحسب إدعائه حيث يقول الله يعلم أن ما في قلبي موافق لما في لساني وهو عطف على يعجبك وقرئ ويشهد الله فالمراد بما في قلبه ما فيه حقيقة ويؤيده قراءة ابن عباس رضي الله عنهما والله يشهد على ما في قلبه على أن كلمة على لكون المشهود به مضرا له فالجملة اعتراضية وقرئ ويستشهد الله «وهو ألد الخصام» أي شديد العداوة والخصومة للمسلمين على أن الخصام مصدر وإضافة ألد اليه بمعنى في كقولهم ثبت العذر أو أشد الخصوم لهم خصومة على أنه جمع خصم كصعب وصعاب قيل نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي وكان حسن المنظر حلو المنطق يوالى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعى الإسلام والمحبة وقيل في المنافقين والجملة حال من الضمير المجرور في قوله أو من المستكن في يشهد وعطف على ما قبلها على القراءتين المتوسطتين «وإذا تولى» أي من مجلسك وقيل إذا صار واليا «سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل» كما فعله الأخنس بثقيف حيث بيتهم وأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم أو كما يفعله ولاة السوء بالقتل والإتلاف أو بالظلم حتى يمنع الله تعالى بشؤمه القطر فيهلك الحرث والنسل وقرئ ويهلك الحرث والنسل على إسناد الهلاك إليهما عطفا على سعى وقرئ بفتح اللام وهي لغة وقرئ على البناء للمفعول من الإهلاك «والله لا يحب الفساد» أي لا يرتضيه ويبعضه ويغضب على من يتعاطاه وهو اعتراض تذييلي «وإذا قيل له» على نهج العظة والنصيحة «اتق الله» واترك ما تباشره من الفساد أو النفاق واحذر سوء مغبته «أخذته العزة بالإثم» أي حملته الأنفة وحمية الجاهلية على الإثم الذي نهى عنه لجاجا وعنادا من قولك أخذته بكذا إذا حملته عليه أو ألزمته إياه «فحسبه جهنم» مبتدأ وخبر أي كافيه جهنم وقيل جهنم فاعل لحسبه ساد مسد خبره وهو مصدر بمعنى الفاعل وقوى لاعتماده على الفاء الرابطة للجملة بما قبلها وقيل حسب اسم فعل ماض أي كفته جهنم «ولبئس المهاد» جواب قسم مقدر والمخصوص بالذم محذوف لظهوره وتعينه والمهاد الفراش وقيل ما يوطأ للجنب والجملة اعتراض «ومن الناس من يشري نفسه» مبتدأ وخبر كما مر أي يبيعها ببذلها في الجهاد ومشاق الطاعات وتعريضها للمهالك في الحروب أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن ترتب عليه القتل «ابتغاء مرضات الله» أي طالبا لرضاه وهذا كمال التقوى وإيراده قسيما للأول من حيث أن ذلك يأنف من الأمر بالتقوى وهذا يأمر بذلك وإن أدى إلى الهلاك وقيل نزلت في صهيب بن سنان الرومي أخذه المشركون وعذبوه ليرتد فقال إني شيخ كبير
(٢١١)