تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢١١
وفصاحته لا في الآخرة لما أنه يظهر هناك كذبه وقبحه وقيل لما يرهقه من الحبسة واللكنة وأنت خبير بأنه لا مبالغة حينئذ في سوء حاله فإن مآله بيان حسن كلامه في الدنيا وقبحه في الآخرة وقيل معنى في الحياة الدنيا مدة الحياة الدنيا أي لا يصدر منه فيها إلا القول الحسن «ويشهد الله على ما في قلبه» أي بحسب إدعائه حيث يقول الله يعلم أن ما في قلبي موافق لما في لساني وهو عطف على يعجبك وقرئ ويشهد الله فالمراد بما في قلبه ما فيه حقيقة ويؤيده قراءة ابن عباس رضي الله عنهما والله يشهد على ما في قلبه على أن كلمة على لكون المشهود به مضرا له فالجملة اعتراضية وقرئ ويستشهد الله «وهو ألد الخصام» أي شديد العداوة والخصومة للمسلمين على أن الخصام مصدر وإضافة ألد اليه بمعنى في كقولهم ثبت العذر أو أشد الخصوم لهم خصومة على أنه جمع خصم كصعب وصعاب قيل نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي وكان حسن المنظر حلو المنطق يوالى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعى الإسلام والمحبة وقيل في المنافقين والجملة حال من الضمير المجرور في قوله أو من المستكن في يشهد وعطف على ما قبلها على القراءتين المتوسطتين «وإذا تولى» أي من مجلسك وقيل إذا صار واليا «سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل» كما فعله الأخنس بثقيف حيث بيتهم وأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم أو كما يفعله ولاة السوء بالقتل والإتلاف أو بالظلم حتى يمنع الله تعالى بشؤمه القطر فيهلك الحرث والنسل وقرئ ويهلك الحرث والنسل على إسناد الهلاك إليهما عطفا على سعى وقرئ بفتح اللام وهي لغة وقرئ على البناء للمفعول من الإهلاك «والله لا يحب الفساد» أي لا يرتضيه ويبعضه ويغضب على من يتعاطاه وهو اعتراض تذييلي «وإذا قيل له» على نهج العظة والنصيحة «اتق الله» واترك ما تباشره من الفساد أو النفاق واحذر سوء مغبته «أخذته العزة بالإثم» أي حملته الأنفة وحمية الجاهلية على الإثم الذي نهى عنه لجاجا وعنادا من قولك أخذته بكذا إذا حملته عليه أو ألزمته إياه «فحسبه جهنم» مبتدأ وخبر أي كافيه جهنم وقيل جهنم فاعل لحسبه ساد مسد خبره وهو مصدر بمعنى الفاعل وقوى لاعتماده على الفاء الرابطة للجملة بما قبلها وقيل حسب اسم فعل ماض أي كفته جهنم «ولبئس المهاد» جواب قسم مقدر والمخصوص بالذم محذوف لظهوره وتعينه والمهاد الفراش وقيل ما يوطأ للجنب والجملة اعتراض «ومن الناس من يشري نفسه» مبتدأ وخبر كما مر أي يبيعها ببذلها في الجهاد ومشاق الطاعات وتعريضها للمهالك في الحروب أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن ترتب عليه القتل «ابتغاء مرضات الله» أي طالبا لرضاه وهذا كمال التقوى وإيراده قسيما للأول من حيث أن ذلك يأنف من الأمر بالتقوى وهذا يأمر بذلك وإن أدى إلى الهلاك وقيل نزلت في صهيب بن سنان الرومي أخذه المشركون وعذبوه ليرتد فقال إني شيخ كبير
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271