تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢١٢
لا أنفعكم إن كنت معكم ولا أضركم إن كنت عليكم فخلوني وما أنا عليه وخذوا مالي فقبلوا منه ماله فأتى المدينة فيشرى حينئذ بمعنى يشترى لجريان الحال على صورة الشرى «والله رؤوف بالعباد» ولذلك يكلفهم التقوى ويعرضهم للثواب والجملة اعتراض تذييلى «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم» أي الاستسلام والطاعة وقيل الإسلام وقرئ بفتح السين وهي لغة فيه بفتح اللام أيضا وقوله تعالى «كافة» حال من الضمير في ادخلوا أو من السلم أو منهما معا كما في قوله * خرجت بها تمشى تجر وراءنا * على أثرينا ذيل مرط مرجل * وهي في الأصل اسم لجماعة تكف مخالفها ثم استعملت في معنى جميعا وتاؤها ليست للتأنيث حتى يحتاج إلى جعل السلم مؤنثا مثل الحرب كما في قوله عز وجل وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وفي قوله * السلم تأخذ منها ما رضيت به * والحرب يكفيك من أنفاسها جرع * وإنما هي للنقل كما في عامة وخاصة وقاطبة والمعنى استسلموا لله تعالى وأطيعوه جملة ظاهرا وباطنا والخطاب للمنافقين أو ادخلوا في الإسلام بكليته ولا تخلطوا به غيره والخطاب لمؤمني أهل الكتاب فإنهم كانوا يراعون بعض أحكام دينهم القديم بعد إسلامهم أو شرائع الله تعالى كلها بالإيمان بالأنبياء عليهم السلام والكتب جميعا والخطاب لأهل الكتاب كلهم ووصفهم بالإيمان إما على طريقة التغليب وإما بالنظر إلى إيمانهم القديم أو في شعب الإسلام واحكامه كلها فلا يخلوا بشئ منها والخطاب للمسلمين وإنما خوطب أهل الكتاب بعنوان الإيمان مع أنه لا يصح الإيمان إلا بما كلفوه الآن إيذانا بأن ما يدعونه لا يتم بدونه «ولا تتبعوا خطوات الشيطان» بالتفرق والتفريق أو بمخالفة ما أمرتم به «إنه لكم عدو مبين» ظاهر العداوة أو مظهر لها وهو تعليل للنهي أو الانتهاء «فإن زللتم» أي عن الدخول في السلم وقرئ بكسر اللام وهي لغة فيه «من بعد ما جاءتكم» الآيات «البينات» والحجج القطعية الدالة على حقيقته الموجبة للدخول فيه «فاعلموا أن الله عزيز» غالب على أمره لا يعجزه الانتقام منكم «حكيم» لا يترك ما تقتضيه الحكمة من مؤاخذة المجرمين المستعصين على أوامره «هل ينظرون» استفهام إنكاري في معنى النفي أي ما ينتظرون بما يفعلون من العناد والمخالفة في الامتثال بما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه «إلا أن يأتيهم الله» أي أمره وبأسه أو يأتيهم الله بأمره وبأسه فحذف المأتى به لدلالة الحال عليه والالتفات إلى الغيبة للإيذان بأن سوء صنيعهم موجب للإعراض عنهم وحكاية جنايتهم لمن عداهم من أهل الإنصاف على طريقة المباثة وإيراد الانتظار للإشعار بأنهم لانهماكهم فيما هم فيه من موجبات العقوبة
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271