ليس بالصيام كما قيل لوقوع الفصل بينهما بأجنبي بل بمضمر دل هو عليه اعني صوموا إما على الظرفية أو المفعولية اتساعا وقيل بقوله تعالى كتب على أحد الوجهين وفيه أن الأيام ليست محلا له بل للمكتوب فلا تتحقق الظرفية ولا المفعولية المتفرعة عليها اتساعا «فمن كان منكم مريضا» أي مرضا يضره الصوم أو يعسر معه «أو على سفر» مستمرين عليه وفيه تلويح ورمز إلى أن من سافر في أثناء اليوم لم يفطر «فعدة» أي عليه صوم عدة أيام المرض والسفر «من أيام أخر» إن أفطر فحذف الشرط والمضاف ثقة بالظهور وقرئ بالنصب أي فليصم عدة وهذا على سبيل الرخصة وقيل على الوجوب واليه ذهب الظاهرية وبه قال أبو هريرة رضي الله عنه «وعلى الذين يطيقونه» أي وعلى المطيقين للصيام وإن أفطروا «فدية» أي إعطاء فدية وهي «طعام مسكين» وهو نصف صاع من بر أو من غيره عند أهل العراق ومد عند أهل الحجاز وكان ذلك في بدء الاسلام لما أنه قد فرض عليهم الصوم وما كانوا متعودين له فاشتد عليهم فرخص لهم في الإفطار والفدية وقرئ يطيقونه أي يكلفونه أو يقلدونه ويتطوقونه ويطوقونه بإدغام التاء في الطاء ويطيقونه بمعنى يتطيقونه وأصلهما يطوقونه ويتطوقونه من فعيل وتفعيل من الطوق فأدغمت الياء في الواو وبعد قلبها ياء كقولهم تدبر المكان وما بها ديار وفيه وجهان أحدهما نحو معنى يطيقونه والثاني يكلفونه أو يتكلفونه على جهد منهم وعسروهم الشيوخ والعجائز وحكم هؤلاء الافطار والفدية وهو حينئذ غير منسوخ ويجوز أن يكون هذا معنى يطيقونه أي يصومونه جهدهم وطاقتهم ومبلغ وسعهم «فمن تطوع خيرا» فزاد في الفدية «فهو» أي التطوع أو الخير الذي تطوعه «خير له وأن تصوموا» أيها المطيقون أو المطوقون وتحملوا على أنفسكم وتجهدوا طاقتكم أو المرخصون في الإفطار من المرضى والمسافرين «خيرا لكم» من الفدية أو من تطوع الخير أو منهما أو من التأخير إلى أيام أخر والالتفات إلى الخطاب للهز والتنشيط «إن كنتم تعلمون» أي ما في صومكم مع تحقق المبيح للإفطار من الفضيلة والجواب محذوف ثقة بظهوره أي اخترتموه أو سارعتم اليه وقيل معناه ان كنتم من أهل العلم والتدبير علمتم ان الصوم خير من ذلك «شهر رمضان» مبتدأ سيأتي خبره أو خبر لمبتدأ محذوف أي ذلك شهر رمضان أو بدل من الصيام على حذف المضاف أي صيام شهر رمضان وقرئ بالنصب على اضمار صوموا أو على أنه مفعول تصوموا أو بدل من أياما معدودات ورمضان مصدر رمض أي احترق من الرمضاء فأضيف اليه الشهر وجعل علما ومنع الصرف للتعريف والألف والنون كما قيل ابن داية للغراب فقوله عليه السلام من صام رمضان الحديث وأراد على حذف المضاف للأمن من الالتباس وانما سمي بذلك اما لإرتماضهم فيه من الجوع والعطش أو لإرتماض الذنوب في الصيام فيه أو لوقوعه في أيام رمض الحر عند
(١٩٩)