تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٩٩
ليس بالصيام كما قيل لوقوع الفصل بينهما بأجنبي بل بمضمر دل هو عليه اعني صوموا إما على الظرفية أو المفعولية اتساعا وقيل بقوله تعالى كتب على أحد الوجهين وفيه أن الأيام ليست محلا له بل للمكتوب فلا تتحقق الظرفية ولا المفعولية المتفرعة عليها اتساعا «فمن كان منكم مريضا» أي مرضا يضره الصوم أو يعسر معه «أو على سفر» مستمرين عليه وفيه تلويح ورمز إلى أن من سافر في أثناء اليوم لم يفطر «فعدة» أي عليه صوم عدة أيام المرض والسفر «من أيام أخر» إن أفطر فحذف الشرط والمضاف ثقة بالظهور وقرئ بالنصب أي فليصم عدة وهذا على سبيل الرخصة وقيل على الوجوب واليه ذهب الظاهرية وبه قال أبو هريرة رضي الله عنه «وعلى الذين يطيقونه» أي وعلى المطيقين للصيام وإن أفطروا «فدية» أي إعطاء فدية وهي «طعام مسكين» وهو نصف صاع من بر أو من غيره عند أهل العراق ومد عند أهل الحجاز وكان ذلك في بدء الاسلام لما أنه قد فرض عليهم الصوم وما كانوا متعودين له فاشتد عليهم فرخص لهم في الإفطار والفدية وقرئ يطيقونه أي يكلفونه أو يقلدونه ويتطوقونه ويطوقونه بإدغام التاء في الطاء ويطيقونه بمعنى يتطيقونه وأصلهما يطوقونه ويتطوقونه من فعيل وتفعيل من الطوق فأدغمت الياء في الواو وبعد قلبها ياء كقولهم تدبر المكان وما بها ديار وفيه وجهان أحدهما نحو معنى يطيقونه والثاني يكلفونه أو يتكلفونه على جهد منهم وعسروهم الشيوخ والعجائز وحكم هؤلاء الافطار والفدية وهو حينئذ غير منسوخ ويجوز أن يكون هذا معنى يطيقونه أي يصومونه جهدهم وطاقتهم ومبلغ وسعهم «فمن تطوع خيرا» فزاد في الفدية «فهو» أي التطوع أو الخير الذي تطوعه «خير له وأن تصوموا» أيها المطيقون أو المطوقون وتحملوا على أنفسكم وتجهدوا طاقتكم أو المرخصون في الإفطار من المرضى والمسافرين «خيرا لكم» من الفدية أو من تطوع الخير أو منهما أو من التأخير إلى أيام أخر والالتفات إلى الخطاب للهز والتنشيط «إن كنتم تعلمون» أي ما في صومكم مع تحقق المبيح للإفطار من الفضيلة والجواب محذوف ثقة بظهوره أي اخترتموه أو سارعتم اليه وقيل معناه ان كنتم من أهل العلم والتدبير علمتم ان الصوم خير من ذلك «شهر رمضان» مبتدأ سيأتي خبره أو خبر لمبتدأ محذوف أي ذلك شهر رمضان أو بدل من الصيام على حذف المضاف أي صيام شهر رمضان وقرئ بالنصب على اضمار صوموا أو على أنه مفعول تصوموا أو بدل من أياما معدودات ورمضان مصدر رمض أي احترق من الرمضاء فأضيف اليه الشهر وجعل علما ومنع الصرف للتعريف والألف والنون كما قيل ابن داية للغراب فقوله عليه السلام من صام رمضان الحديث وأراد على حذف المضاف للأمن من الالتباس وانما سمي بذلك اما لإرتماضهم فيه من الجوع والعطش أو لإرتماض الذنوب في الصيام فيه أو لوقوعه في أيام رمض الحر عند
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271