تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
القتال أو بقتال المعاهد والمفاجأة به من غير دعوة أو بالمثلة وقتل من نهيتم عن قتله من النساء والصبيان ومن يجري مجراهم «إن الله لا يحب المعتدين» أي لا يريد بهم الخير وهو تعليل للنهي «واقتلوهم حيث ثقفتموهم» أي حيث وجدتموهم من حل أو حرم وأصل الثقف الحذق في ادراك الشيء علما أو عملا وفيه معنى الغلبة ولذلك استعمل فيها قال * فإما تثقفوني فاقتلوني * فمن أثقف فليس إلى خلود * «وأخرجوهم من حيث أخرجوكم» أي من مكة وقد فعل بهم ذلك يوم الفتح بمن لم يسلم من كفارها «والفتنة أشد من القتل» أي المحنة التي يفتتن بها الانسان كالإخراج من الوطن أصعب من القتل لدوام تعبها وبقاء تألم النفس بها وقيل شركهم في الحرم وصدهم لكم عنه أشد من قتلكم إياهم فيه «ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام» أي لا تفاتحوهم بالقتل هناك ولا تهتكوا حرمة المسجد الحرام «حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم» ثمة «فاقتلوهم» فيه ولا تبالوا بقتالهم ثمة لأنهم الذين هتكوا حرمته فاستحقوا أشد العذاب وفي العدول عن صيغة المفاعلة التي بها ورد النهي والشرط عدة بالنصر والغلبة وقرئ ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم فاقتلوهم والمعنى حتى يقتلوا بعضكم كقولهم قتلتنا بنو أسد «كذلك جزاء الكافرين» يفعل بهم مثل ما فعلوا بغيرهم «فإن انتهوا» عن القتال والكفر بعد ما رأوا قتالكم «فإن الله غفور رحيم» يغفر لهم ما قد سلف «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة» أي شرك «ويكون الدين لله» خالصا ليس للشيطان فيه نصيب «فإن انتهوا» بعد مقاتلتكم عن الشرك «فلا عدوان إلا على الظالمين» أي فلا تعتدوا عليهم إذ لا يحسن الظلم الا لمن ظلم فوضع العلة موضع الحكم وتسمية الجزاء بالعدوان للمشاكلة كما في قوله عز وجل فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه أو أنكم ان تعرضتم للمنتهين صرتم ظالمين وتنعكس الحال عليكم والفاء الأولى للتعقيب والثانية للجزاء «الشهر الحرام بالشهر الحرام» قاتلهم المشركون عام الحديبية في ذي القعدة فقيل لهم عند خروجهم لعمرة القضاء في ذي القعدة أيضا وكراهتهم القتال فيه هذا الشهر الحرام بذلك الشهر الحرام وهتكه بهتكه فلا تبالوا به «والحرمات قصاص» أي كل حرمة وهي ما يجب المحافظة عليه يجري فيها القصاص فلما هتكوا حرمة شهركم بالصد فافعلوا بهم مثله وادخلوا عليهم عنوة فاقتلوهم ان قاتلوكم كما قال تعالى «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271