تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٠٠
نقل أسماء الشهور عن اللغة القديمة «الذي أنزل فيه القرآن» خبر للمبتدأ على الوجه الأول وصفة لشهر رمضان على الوجوه الباقية ومعنى إنزاله فيه أنه ابتدى إنزاله فيه وكان ذلك ليلة القدر أو أنزل فيه جملة إلى السماء الدنيا ثم نزل منجما إلى الأرض حسبما تقتضيه المشيئة الربانية أو أنزل في شانه القرآن وهو قوله عز وجل كتب عليكم وعن النبي صلى الله عليه وسلم نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين منه والإنجيل لثلاث عشرة منه والقرآن لأربع وعشرين «هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان» حالان من القرآن أي أنزل حال كونه هدية للناس بما فيه من الإعجاز وغيره وآيات واضحة مرشدة إلى الحق فارقة بينه وبين الباطل بما فيه من الحكم والأحكام «فمن شهد منكم الشهر» أي حضر فيه ولم يكن مسافرا ووضع الظاهر موضع الضمير للتعظيم والمبالغة في البيان والفاء للتفريع والترتيب أو لتضمن المبتدأ معنى الشرط أو زائده على تقدير كون شهر رمضان مبتدأ والموصول صفة له وهذه الجملة خبر له وقيل هي جزائية كأنه قيل لما كتب عليكم الصيام في ذلك الشهر فمن حضر فيه «فليصمه» إي فليصم فيه بحذف الجار وإيصال الفعل إلى المجرور أتساعا وقيل من شهد منكم هلال الشهر فليصمه على أنه مفعول به كقولك شهدت الجمعة أي صلاتها فيكون ما بعده مخصصا له كأنه قيل «ومن كان مريضا» وإن كان مقيما حاضرا فيه «أو على سفر» وإن كان صحيحا «فعدة من أيام أخر» أي فعليه صيام أيام آخر لأن المريض والمسافر ممن شهد الشهر ولعل التكرير لذلك أو لئلا يتوهم نسخة كما نسخ قرينه «يريد الله» بهذا الترخيص «بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» لغاية رأفته وسعة رحمته «ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون» علل لفعل محذوف يدل عليه ما سبق أي ولهذه الأمور شرع ما مر من أمر الشاهد بصوم الشهر وأمر المرخص لهم بمراعاة عدة ما أفطر فيه ومن الترخيص في إباحة الفطر فقوله تعالى لتكلموا علة الأمر بمراعاة العدة ولتكبروا علة ما علمه من كيفية القضاء ولعلكم تشكرون علة الترخيص والتيسير وتعدية فعل التكبير بعلى لتضمنه معنى الحمد كأنه ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ويجوز أن يكون معطوفة على علة مقدرة مثل ليسهل عليكم أو لتعلموا ما تعلمون ولتكملوا الخ ويجوز عطفها على اليسر أي يريد بكم لتكلموا الخ كقوله تعالى يريدون ليطفئوا الخ والمعنى بالتكبير تعظيمه تعالى بالحمد والثناء عليه وقيل تكبير يوم العيد وقيل التكبير عند الإهلال وما تحتمل المصدرية والموصولة أي على هدايته إياكم أو على الذي هداكم إليه وقرئ ولتكملوا بالتشديد «وإذا سألك عبادي عني» في تلوين الخطاب وتوجيهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى من تشريفه ورفع محلة «فإني قريب» أي فقل لهم إني قريب وهو تمثيل لكمال علمه بافعال العباد وأقوالهم واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه روى أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزلت «أجيب دعوة الداع إذا دعان»
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271