تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٩٤
في الكلام وهو الذي اقتضى تقديم الحال أيضا وقيل هو المفعول الثاني «واليتامى» أي المحاويج منهم على ما يدل عليه الحال وتقديم ذوى القربى عليهم لما أن إيتاءهم صدقة وصلة «والمساكين» جمع مسكين وهو الدائم السكون لما أن الخلة أسكنته بحيث لا حراك به أو دائم السكون إلى الناس «وابن السبيل» أي المسافر سمى به لملازمته إياه كما سمى القاطع ابن الطريق وقيل الضيف «والسائلين» الذين ألجأتهم الحاجة والضرورة إلى السؤال قال عليه الصلاة والسلام أعطوا السائل ولو على فرس «وفي الرقاب» أي وضعه في فك الرقاب بمعاونه المكاتبين حتى يفكوا رقابهم وقيل في فك الأسارى وقيل في ابتياع الرقاب وإعتاقها وأيا ما كان فالعدول عن ذكرهم بعنوان مصحح للمالكية كالذين من قبلهم إما للإيذان بعدم قرار ملكهم فيما أوتوا كما في الوجهين الأولين أو بعدم ثبوته رأسا كما في الوجه الأخير وإما للإشعار برسوخهم في الاستحقاق والحاجة لما أن في للظرفية المنبئة عن محليتهم لما يؤتى «وأقام الصلاة» أي المفروضة منها «وآتى الزكاة» أي المفروضة على أن المراد بما مر من إيتاء المال التنفل بالصدقات قدم على الفريضة مبالغة في الحث عليه أو المراد بهما المفروضة والأول لبيان المصارف والثاني لبيان وجوب الأداء «والموفون بعهدهم» عطف على من آمن فإنه في قوة أن يقال ومن أوفوا بعهدهم وإيثار صيغة الفاعل للدلالة على وجوب استمرار الوفاء والمراد بالعهد مالا يحرم حلالا ولا يحلل حراما من العهود الجارية فيما بين الناس وقوله تعالى «إذا عاهدوا» للإيذان بعدم كونه من ضروريات الدين «والصابرين» نصب على الاختصاص غير سبكه عما قبله تنبيها على فضيلة الصبر ومزيته وهو في الحقيقة معطوف على ما قبله قال أبو علي إذا ذكرت صفات للمدح أو للذم فخولف في بعضها الإعراب فقد خولف للافتنان ويسمى ذلك قطعا لأن تغيير المألوف يدل على زيادة ترغيب في استماع المذكور ومزيد اهتمام بشأنه كما مر في صدر السورة وقد قرئ والصابرون كما قرىء والموفين «في البأساء» أي في الفقر والشدة «والضراء» أي المرض والزمانة «وحين البأس» أي وقت مجاهدة العدو في مواطن الحرب وزيادة الحين للإشعار بوقوعه أحيانا وسرعة انقضائه «أولئك» إشارة إلى المذكورين باعتبار اتصافهم بالنعوت الجميلة المعدودة وما فيه من معنى البعد لما مر مرارا من التنبيه على علو طبقتهم وسمو رتبتهم «الذين صدقوا» أي في الدين واتباع الحق وتحرى البر حيث لم تغيرهم الأحوال ولم تزلزلهم الأهوال «وأولئك هم المتقون» عن الكفر وسائر الرذائل وتكرير الإشارة لزيادة تنويه شأنهم وتوسيط الضمير للإشارة إلى انحصار التقوى فيهم والآية الكريمة كما ترى حاوية لجميع الكمالات البشرية برمتها تصريحا أو تلويحا لما أنها مع تكثر فنونها وتشعب شجونها منحصرة في خلال ثلاث صحة الاعتقاد وحسن المعاشرة مع العباد وتهذيب النفس وقد أشير إلى الأولى بالايمان بما فصل وإلى الثانية بإيتاء المال وإلى الثالثة بإقامة الصلاة الخ ولذلك وصف الحائزون لها بالصدق نظرا إلى إيمانهم واعتقادهم وبالتقوى اعتبارا بمعاشرتهم مع الخلق ومعاملتهم مع الحق وإليه يشير قوله صلى الله عليه وسلم من
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271