تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٨٧
العذاب) حالية وقد مضمرة وقيل عاطفة على تبرأ والضمير في رأوا للموصوفين جميعا «وتقطعت بهم الأسباب» والوصل التي كانت بينهم من التبعية والمتبوعية والاتفاق على الملة الزائغة والاغراض الداعية إلى ذلك واصل السبب الحبل الذي يرتقى به الشجر ونحوه معطوفة على تبرأ وتوسيط الحال بينهما للتنبيه على علة التبري وقد جوز عطفها على الجملة الحالية «وقال الذين اتبعوا» حين عاينوا تبرؤ الرؤساء منهم وندموا على ما فعلوا من اتباعهم لهم في الدنيا «لو أن لنا كرة» أي ليت لنا رجعة إلى الدنيا «فنتبرأ منهم» هناك «كما تبرؤوا منا» اليوم «كذلك» إشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده لا إلى شئ آخر مفهوم مما سبق وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجة المشار اليه وبعد منزلته مع كمال تميزه عما عداه وانتظامه في سلك الأمور المشاهدة والكاف مقحمة لتأكيد ما افاده اسم الإشارة من الفخامة ومحله النصب على المصدرية أي ذلك الإراء الفظيع «يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم» أي ندامات شديدة فإن الحسرة شدة الندم والكمد وهي تألم القلب وانحساره عما يؤلمه واشتقاقها من قولهم بعير حسير أي منقطع القوة وهي ثالث مفاعيل يرى ان كان من رؤية القلب والا فهي حال والمعنى أن اعمالهم تنقلب حسرات عليهم فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم «وما هم بخارجين من النار» كلام مستأنف لبيان حالهم بعد دخولهم النار والأصل وما يخرجون والعدول إلى الاسمية لإفادة دوام نفي الخروج والضمير للدلالة على قوة أمرهم فيما اسند إليهم كما في قوله * هم يفرشون اللبد كل طمرة * واجرد سباق يبذ المغاليا * «يا أيها الناس كلوا مما في الأرض» أي بعض ما فيها من أصناف المأكولات التي من جملتها ما حرمتموه افتراء على الله من الحرث والانعام قال ابن عباس رضي الله عنهما نزلت في قوم من ثقيف وبني عامر بن صعصعه وخزاعة وبني مدلج حرموا على أنفسهم ما حرموه من الحرث والبحائر والسوائب والوصائل والحام وقوله تعالى «حلالا» حال من الموصول أي كلوه حال كونه حلالا أو مفعول لكلوا على أن من ابتدائية وقد جوز كونه صفة لمصدر مؤكد أي اكلا حلالا ويؤيد الأولين قوله تعالى «طيبا» فإنه صفة له ووصف الاكل به غير معتاد وقيل نزلت في قوم من المؤمنين حرموا على أنفسهم رفيع الأطعمة والملابس ويرده قوله عز وجل «ولا تتبعوا خطوات الشيطان» أي لا تقتدوا بها في اتباع الهوى فإنه صريح في أن الخطاب للكفرة كيف لا وتحريم الحلال على نفسه تزهدا ليس من باب اتباع خطوات الشيطان فضلا عن كونه تقولا وافتراء على الله تعالى وإنما نزل فيهم ما في
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271