يفيض اثر الحرقة من القلب على البدن فتنقمع الشهوات وتحترق بالخوف ويحصل في القلب الذبول والخشوع والذلة والاستكانة ويصير العبد مستوعب الهم بخوفه والنظر في خطر عاقبته فلا يتفرغ لغيره ولا يكون له شغل الا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة والضنة بالأنفاس واللحظات ومؤاخذة النفس في الخطرات والخطوات والكلمات ثم قال: واعلم أنه لا تنقمع الشهوات بشئ كما تنقمع بنار الخوف انتهى.
وقوله سبحانه: (فاما الانسان إذا ما ابتلاه ربه...) الآية ذكر تعالى في هذه الآية ما كانت قريش تقوله وتستدل به على اكرام الله واهانته لعبده وجاء هذا التوبيخ في الآية لجنس الانسان إذ قد يقع بعض المؤمنين في شئ من هذا المنزع و (ابتلاه) معناه:
اختبره و (نعمه) اي جعله ذا نعمة.
و " قدر " بتخفيف الدال بمعنى: ضيق ثم قال تعالى: (كلا) ردا على قولهم ومعتقدهم اي ليس اكرام الله تعالى واهانته كذلك وانما ذلك ابتلاء فحق من ابتلي بالغنى ان يشكر ويطيع ومن ابتلي بالفقر ان يشكر ويصبر واما اكرام الله فهو بالتقوى واهانته فبالمعصية و (طعام) في هذه الآية بمعنى: اطعام ثم عدد عليهم جدهم في أكل لتراث لأنهم كانوا لا يورثون النساء ولا صغار الأولاد وانما كان يأخذ المال من يقاتل ويحمى الحوزة و " اللم " الجمع واللف قال الحسن هو ان يأخذ في الميراث حظه وحظ غيره والجم الكثير الشديد ومنه قول الشاعر: [الرجز] ان تغفر اللهم تغفر جما * وأي عبد لك لا ألما.
ومنه الجم من الناس ودك الأرض تسويتها.