بين وروي أن هذه الآيات لما نزلت وعزم المؤمنون على امتثالها وصرم حبال الكفرة لحقهم تأسف وهم من أجل قراباتهم إذ لم يؤمنوا ولم يهتدوا حتى يكون بينهم التوادد والتواصل فنزلت: (عسى الله...) الآية: مؤنسة في ذلك ومرجية أن يقع فوقع ذلك بإسلامهم في الفتح وصار الجميع إخوانا وعسى من الله واجبة الوقوع (ت) قد تقدم تحقيق القول في (عسى) في سورة القصص فأغنى عن إعادته.
وقوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم...) الآية اختلف في هؤلاء الذين لم ينه عنهم أن يبروا فقيل أراد المؤمنين التاركين للهجرة وقيل خزاعة وقبائل من العرب كانوا مظاهرين للنبي صلى الله عليه وسلم ومحبين لظهوره وقيل أراد النساء والصبيان من الكفرة وقيل أراد من كفار قريش من لم يقاتل ولا أخرج ولم يظهر سوءا وعلى أنها في الكفار فالآية منسوخة بالقتال والذين قاتلوا في الدين وأخرجوهم هم مردة قريش.
وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) الآية نزلت إثر صلح الحديبية وذلك أن ذلك الصلح تضمن أن من أتى مسلما من أهل مكة رد إليهم سواء كان رجلا أو امرأة فنقض الله تعالى من ذلك أمر النساء بهذه الآية وحكم بأن المهاجرة المؤمنة لا ترد إلى دار الكفر و (امتحنوهن): معناه: جربوهن واستخبروا حقيقة ما عندهن.
وقوله تعالى: (الله أعلم بإيمانهن) إشارة إلى الاسترابة ببعضهن.
(ت) وقوله تعالى: (فإن علمتموهن مؤمنات...) الآية: العلم هنا بمعنى الظن وذكر الله تعالى العلة في أن لا يرد النساء إلى الكفار وهو امتناع الوطء وحرمته.