هذه كالجزء من الفعل، وتخطاها العامل، وليست ك (إن) في قوله تعالى: (وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا " ابدا ") (1).
فإن قيل: فما الوجه في قوله تعالى: (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) (2) وقوله: (ومن عاد فينتقم الله منه) (3)؟
قلنا: الأظهر أن يكون كل واحد منهما محمولا " على الاسم، كما أن التقدير (فأنتما قد صغت قلوبكما) و (فهو ينتقم الله منه)، يدلك على هذا أن (صغت) لو جعل نفسه الجزاء للزم أن يكتسب من الشرط معنى الاستقبال، وهذا غير مسوغ هنا. ولو جاز لجاز أن تقول: (أنما إن تتوبا إلى الله صغت - أو فصغت قلوبكما) لكن المعنى: (إن تتوبا فبعد صغو من قلوبكما) ليتصور فيه معنى الاستقبال، مع بقاء دلالة الفعل على الممكن، وأن (ينتقم) لو جعل وحده جزاء لم يدل على تكرار الفعل كما هو الآن، والله أعلم بما أراد.
الثانية: أصل الشرط والجزاء أن يتوفق الثاني على الأول، بمعنى أن الشرط إنما يستحق جوابه بوقوعه هو في نفسه، كقولك: (إن زرتني أحسنت إليك)، فالإحسان إنما استحق بالزيارة، وقولك: (إن شكرتني زرتك)، فالزيارة إنما استحقت بالشكر، هذا هو القاعدة.
وقد أورد على هذا آيات كريمات:
منها قوله تعالى: (إن تعذبهم فإنهم عبادك) (4)، وهم عباده، عذبهم أو رحمهم.