فإن قيل: فمن أي أنواع الكلام تكون هذه الجملة المنتظمة من الجملتين؟
قلنا: قال صاحب " المستوفى " (1): العبرة في هذا بالتالي، إن كان التالي قبل الانتظام جازما كان هذه الشرطية جازمة - أعني خبرا محضا - ولذلك جاز أن توصل بها الموصولات، كما في قوله تعالى: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة)، وإن لم يكن جازما لم تكن جازمة، بل إن كان التالي أمرا، فهي في عداد الأمر، كقوله تعالى: (إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين) (3)، وإن كانت رجاء فهي في عداد الرجاء، كقوله تعالى: (فإن استقر مكانه فسوف تراني) (4)، أي فهذا التسويف بالنسبة إلى المخاطب. فإن جعلت (سوف) بمعنى (أمكن) كان الكلام خبرا صرفا "، فأما الفاء التي تلحق التالي معقبة فللاحتياج إليها حيث لا يمكن أن يرتبط التالي بذاته ارتباطا، وذلك إن كان افتتح بغير الفعل، كقوله: (فأينما تولوا فثم وجه الله) (5) وقوله سبحانه: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (6)، لأن الاسم لا يدل على الزمان فيجازي به.
وكذلك الحرف إن كان مفتتحا بالأمر، كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا) (7) لأن الأمر لا يناسب معناه الشرط، فإن كان مفتتحا " بفعل ماض أو مستقبل ارتبط بذاته، نحو قولك: (إن جئتني أكرمتك)، ونحو قوله تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم) (8)، وكذا قوله: (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها) (9)، لأن