تعالى: (وكلم الله موسى تكليما ")، فإنه لما أريد كلام الله نفسه قال (تكليما) ودل على وقوع الفعل حقيقة، أما تأكيد فاعله فلم يتعرض له. ولقد سخف عقل من تأوله على أنه كلمة بأظفار المحن، من الكلم وهو الجرح، لأن الآية مسوقة في بيان الوحي. ويحكى أنه استدل بعض علماء السنة على بعض المعتزلة في إثبات التكليم حقيقة بالآية من جهة أن المجاز لا يؤكد، فسلم المعتزلي له هذه القاعدة وأراد دفع الاستدلال من جهة أخرى، فادعى أن اللفظ إنما هو (وكلم الله موسى) بنصب لفظ الجلالة، وجعل موسى فاعلا ب (كلم) وأنكر القراءة المشهورة وكابر، فقال السني: فماذا تصنع بقوله تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه)!؟ فانقطع المعتزلي عند ذلك.
قال ابن الدهان: ومما يدل على أن التأكيد لا يرفع المجاز قول الشاعر:
قرعت ظنانيت الهوى يوم عالج * ويوم اللوى حتى قسرت الهوى قسرا قلت: وكذا قوله: (ومكروا مكرا " ومكرنا مكرا ").
وأما قوله تعالى: (ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا ")، فمفعول (أسررت) محذوف، أي الدعاء والإنذار ونحوه.
فإن قلت: التأكيد ينافي الحذف، فالجواب من وجهين: