أحدهما: أن المصدر لم يؤت به هنا للتأكيد وإن كان بصورته، لأن المعنى ليس على ذلك، وإنما أتى به لأجل الفواصل، ولهذا لم يؤت بمصدر (أعلنت)، وهو مثله.
والثاني: أن (أسر) وإن كان متعديا في الأصل، إلا أنه هنا قطع النظر عن مفعوله، وجعل نسيا، كما في قولهم: (فلان يعطى ويمنع)، فصار لذلك كاللازم، وحينئذ فلا منافاة بين المجئ به بالمصدر لو كان.
ثم التأكيد بالمصدر تارة يجئ من لفظ الفعل كما سبق، وتارة يجئ من مرادفه، كقوله تعالى: (إني دعوتهم جهارا ") فإن الجهار أحد نوعي الدعاء، وقوله: (ليا " بألسنتهم)، فإنه منصوب بقوله: (يحرفون الكلم)، لأن (ليا ") نوع من التحريف ويحتمل أن يكون منه: (أتأخذونه بهتانا ")، لأن البهتان ظلم، والأخذ على نوعين: ظلم وغيره.
وزعم الزمخشري قوله: (نافلة " لك)، وضع [نافلة "] موضع، (تهجدا)، لأن التهجد عبادة زائدة، فكأن التهجد والنافلة يجمعهما معنى واحد.