وقوله: (وعد الله حقا " ومن أصدق من الله قيلا ")، قيل: كأن الأصل تكرار الصدق بلفظه فاستثقل التكرار للتقارب، فعدل إلى ما يجاريه خفة "، ولتجزي المصادر الثلاثة مجرى واحد، خفة ووزنا، إحرازا " للتناسب.
وأما قوله: (والله أنبتكم من الأرض نباتا ". ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ") ففائدة (إخراجا ") أن المعاد في الأرض هو الذي يخرجكم منها بعينه، دفعا " لتوهم من يتوهم أن المخرج منها أمثالهم، وأن المبعوث الأرواح المجردة.
فإن قيل: هذا يبطل بقوله تعالى: (أنبتكم من الأرض نباتا ") فإنه أكد بالمصدر، وليس المراد حقيقة النبات.
قلت: لا جرم حيث لم يرد الحقيقة هنا لم يؤكده بالمصدر الحقيقي القياسي، بل عدل به إلى غيره، وذلك لأن مصدر أنبت (الإنبات) والنبات اسمه لا هو، كما قيل في (الكلام) و (السلام): اسمان للمصدر الأصلي الذي هو (التكليم) و (التسليم)، وأما قوله: (وتبتل إليه تبتيلا ") وإن لم يكن جاريا على (تبتل) لكنه ضمن معنى (بتل نفسك تبتلا).
ومثله قوله: (وتعالى عما يقولون علوا " كبيرا ") قال أبو البقاء: هو موضع (تعاليا ") لأنه مصدر قوله (وتعالى)، ويجوز أن يقع مصدرا " في موضع آخر من معناه، وكذا قال الراغب، قال: وإنما عدل عنه لأن لفظ التفاعل من التكلف، كما يكون من البشر.