وقوله: (ولم يعقب)، إشارة إلى استمراره في الهروب وعدم رجوعه، يقال:
فلان ولى إذا رجع، وكل راجع معقب، وأهل التفسير يقولون: لم يقف ولم يلتفت.
وكذلك قوله: (وأرسلناك للناس رسولا ")، قيل: ليست بمؤكدة، لأن الشئ المرسل قد لا يكون رسولا، كما قال تعالى: (إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم).
وقوله: (وهو الحق مصدقا ")، جعلها كثير من المعربين مؤكدة، لأن صفة الحق التصديق.
قيل: ويحتمل أن يريدوا به تأكيد العامل، وأن يريدوا به تأكيد ما تضمنته الجملة.
ودعوى التأكيد غير ظاهرة، لأنه يلزم من كون الشئ حقا في نفسه أن يكون مصدقا لغيره، والفرض أن القرآن العزيز فيه الأمران، وهو كونه حقا وكونه مصدقا لغيره من الكتب، فالظاهر أن (مصدقا) حال مبينة لا مؤكدة، ويكون العامل فيها (الحق) لكونه بمعنى الثابت، وصاحب الحال الضمير الذي تحمله (الحق) لتأوله بالمشتق.
وقوله: (قائما " بالقسط)، فقائما " حال مؤكدة، لأن الشاهد به لا إله إلا هو قائم بالقسط، فهي لازمة مؤكدة وقد وقعت بعد الفعل والفاعل.
قال ابن أبي الربيع: ويجوز أن يكون حالا على جهة أخرى، على معنى (شهد الله أنه منفرد بالربوبية وقائم بالقسط) فإنه سبحانه بالصفتين لم ينتقل عنهما، فهو متصف بكل واحدة منهما في حال الاتصاف بالأخرى، وهو سبحانه لم يزل بهما لأن صفاته ذاتية قديمة.