غاية البيان في رد الشئ إلى نظيره، والجمع بينهما من حيث تبديل الأعراض عليهما.
خامسها: في قوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا " عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين) (1). وتقريرها كما قاله ابن السيد (2):
إن اختلاف المختلفين في الحق لا يوجب انقلاب الحق في نفسه، وإنما تختلف الطرق الموصلة إليه، والحق في نفسه واحد، فلما ثبت أن هاهنا حقيقة موجودة لا محالة، وكان لا سبيل لنا في حياتنا هذه إلى الوقوف عليها وقوفا يوجب الائتلاف، ويرفع عنا الاختلاف، إذ كان الاختلاف مركوزا في فطرنا، وكان لا يمكن ارتفاعه وزواله إلا بارتفاع هذه الجبلة، ونقلها إلى جبلة غيرها - صح ضرورة " أن لنا حياة أخرى غير هذه الحياة، فيها يرتفع الخلاف والعناد، وهذه هي الحال التي وعد الله بالمصير إليها فقال: (ونزعنا ما في صدورهم من غل)، (1) ولا بد من كون ذلك باضطرار، إذ كان جواز الخلاف يقتضي الائتلاف، لأنه نوع من المضاف، وكان لا بد من حقيقته، فقد صار الخلاف الموجود كما ترى أوضح دليل على كون البعث الذي ينكره المنكرون.