(إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) (1) وقال: (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) (2)، ومعلوم أن ما نزل من الوحي نجوما " جميعه في أم الكتاب، وهو اللوح المحفوظ كما قال: (في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون) (3).
ثم اختلف العلماء، فقيل: المنسوخ ما رفع تلاوة تنزيله، كما رفع العمل به. ورد بما نسخ الله من التوراة بالقرآن والإنجيل وهما متلوان.
وقيل: لا يقع النسخ في قرآن يتلى وينزل. والنسخ مما خص الله به هذه الأمة في حكم من التيسير (4)، ويفر (5) هؤلاء من القول بأن الله ينسخ شيئا " بعد نزوله والعمل به، وهذا مذهب اليهود في الأصل، ظنا (6) منهم أنه بداء، كالذي يرى الرأي ثم يبدو له، وهو باطل، لأنه بيان مدة الحكم، ألا ترى الإحياء بعد الإماتة وعكسه، والمرض بعد الصحة وعكسه، والفقر بعد الغنى وعكسه، وذلك لا يكون بداء، فكذا الأمر والنهي.
وقيل: إن الله تعالى نسخ القرآن من اللوح المحفوظ الذي هو أم الكتاب، فأنزله على نبيه، والنسخ لا يكون إلا من أصل.
والصحيح جواز النسخ ووقوعه سمعا وعقلا.
ثم اختلفوا فقيل: لا ينسخ قرآن إلا بقرآن، لقوله تعالى: (ما ننسخ من آية