بتيمم واحد، فروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: يعيد الثانية ما دام في الوقت. وروى أبو زيد بن أبي الغمر عنه: يعيد أبدا. وكذلك روي عن مطرف وابن الماجشون يعيد الثانية أبدا. وهذا الذي يناظر عليه أصحابنا، لان طلب الماء شرط. وذكر ابن عبدوس أن ابن نافع روى عن مالك في الذي يجمع بين الصلاتين أنه يتيمم لكل صلاة. وقال أبو الفرج فيمن ذكر صلوات: إن قضاهن بتيمم واحد فلا شئ عليه وذلك جائز له. وهذا على أن طلب الماء ليس بشرط. والأول أصح. والله أعلم.
الحادية والأربعون - قوله تعالى: (صعيدا طيبا) الصعيد: وجه الأرض كان عليه تراب أو لم يكن، قاله الخليل وابن الأعرابي والزجاج. قال الزجاج: لا أعلم فيه خلافا بين أهل اللغة، قال الله تعالى: (وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جزرا (1)) أي أرضا غليظة لا تنبت شيئا. وقال تعالى (فتصبح صعيدا زلقا (1)). ومنه قول ذي الرمة:
كأنه بالضحى ترمي الصعيد به * دبابة في عظام الرأس خرطوم (2) وإنما سمي صعيدا لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض. وجمع الصعيد صعدات، ومنه الحديث (إياكم والجلوس في الصعدات (3)). واختلف العلماء (4) فيه من أجل تقييده بالطيب، فقالت طائفة: يتيمم بوجه الأرض كله ترابا كان أو رملا أو حجارة أو معدنا أو سبخة.
هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والثوري والطبري. و (طيبا) معناه طاهرا. وقالت فرقة:
(طيبا) حلالا، وهذا قلق. وقال الشافعي وأبو يوسف: الصعيد التراب المنبت وهو الطيب، قال الله تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه (5)) فلا يجوز التيمم عندهم على غيره. وقال الشافعي: لا يقع الصعيد إلا على تراب ذي غبار. وذكر عبد الرزاق عن ابن عباس أنه سئل أي الصعيد أطيب؟ فقال: الحرث. قال أبو عمر: وفي قول ابن عباس هذا ما يدل على أن الصعيد يكون غير أرض الحرث. وقال علي رضي الله عنه: هو التراب