الخامسة والثلاثون - لفظ التيمم ذكره الله تعالى في كتابه في (البقرة (1)) وفي هذه السورة و (المائدة (2)) والتي في هذه السورة هي آية التيمم. والله أعلم. وقال القاضي أبو بكر ابن العربي: هذه معضلة ما وجدت لدائها من دواء عند أحد، هما آيتان فيهما ذكر التيمم [إحداهما (3)] في (النساء) والأخرى في (المائدة). فلا نعلم أية آية عنت عائشة بقولها:
(فأنزل الله آية التيمم). ثم قال: وحديثها يدل على أن التيمم قبل ذلك لم يكن معلوما ولا مفعولا لهم.
قلت: أما قوله: (فلا نعلم أية آية عنت عائشة) فهي هذه الآية على ما ذكرنا. والله أعلم. وقوله: (وحديثها يدل على أن التيمم قبل ذلك لم يكن معلوما ولا مفعولا لهم) فصحيح ولا خلاف فيه بين أهل السير، لأنه معلوم أن غسل الجنابة لم يفترض قبل الوضوء، كما أنه معلوم عند جميع أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم منذ افترضت عليه الصلاة بمكة لم يصل إلا بوضوء مثل وضوئنا اليوم فدل على أن آية الوضوء إنما نزلت ليكون فرضها المتقدم متلوا في التنزيل. وفي قوله: (فنزلت آية التيمم) ولم يقل آية الوضوء ما يبين أن الذي طرأ لهم من العلم في ذلك الوقت حكم التيمم لا حكم الوضوء، وهذا بين لا إشكال فيه.
السادسة والثلاثون - التيمم يلزم كل مكلف لزمته الصلاة إذا عدم الماء ودخل، وقت الصلاة. وقال أبو حنيفة وصاحبا والمزني صاحب الشافعي: يجوز قبله، لان طلب الماء عندهم ليس بشرط قياسا على النافلة، فلما جاز التيمم للنافلة دون طلب الماء جاز أيضا للفريضة. واستدلوا من السنة بقوله عليه السلام لأبي ذر: (الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر حجج). فسمى عليه السلام الصعيد وضوءا كما يسمى الماء، فحكمه إذا حكم (4) الماء. والله أعلم. ودليلنا قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء) ولا يقال: لم يجد الماء إلا لمن طلب ولم يجد. وقد تقدم هذا المعنى، ولأنها طهارة ضرورة كالمستحاضة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فأينما أدركتك الصلاة تيممت وصليت). وهو قول الشافعي وأحمد، وهو مروي عن علي وابن عمر وابن عباس.