الزوجة، لقول الله تعالى: (وأن تجمعوا بين الأختين) يعني الزوجتين بعقد النكاح. فقف على ما اجتمعوا عليه وما اختلفوا فيه يتبين لك الصواب [إن شاء (1) الله]. والله أعلم.
الثامنة عشرة - شذ أهل الظاهر فقالوا: يجوز الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطئ، كما يجوز الجمع بينهما في الملك. واحتجوا بما روي عن عثمان في الأختين من ملك اليمين:
(حرمتهما آية وأحلتهما آية). ذكره عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب أن عثمان بن عفان سئل عن الأختين مما ملكت اليمين فقال: لا آمرك ولا أنهاك أحلتهما آية وحرمتهما آية. فخرج السائل فلقي رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال معمر: أحسبه قال علي - قال: وما سألت عنه عثمان؟ فأخبره بما سأل وبما أفتاه، فقال له: لكني أنهاك، ولو كان لي عليك سبيل ثم فعلت لجعلتك نكالا. وذكر الطحاوي والدار قطني عن علي وابن عباس مثل قول عثمان. والآية التي أحلتهما قوله تعالى:
(وأحل لكم ما وراء ذلكم). ولم يلتفت أحد من أئمة الفتوى إلى هذا القول، لأنهم فهموا من تأويل كتاب الله خلافه، ولا يجوز عليهم تحريف التأويل. وممن قال ذلك من الصحابة:
عمر وعلي وابن مسعود [وعثمان (2)] وابن عباس وعمار وابن عمر وعائشة وابن الزبير، وهؤلاء أهل العلم بكتاب الله، فمن خالفهم فهو متعسف في التأويل. وذكر ابن المنذر أن إسحاق بن راهويه حرم الجمع بينهما بالوطئ، وأن جمهور أهل العلم كرهوا ذلك، وجعل مالكا فيمن كرهه.
ولا خلاف في جواز جمعهما في الملك، وكذلك الام وابنتها. قال ابن عطية: ويجئ من قول إسحاق أن يرجم الجامع بينهما بالوطئ، وتستقرأ الكراهية من قول مالك: إنه إذا وطئ واحدة ثم وطئ الأخرى وقف عنهما حتى يحرم إحداهما، فلم يلزمه حدا. قال أبو عمر:
(أما قول علي لجعلته نكالا) ولم يقل لحددته حد الزاني، فلان من تأول آية أو سنة ولم يطأ عند نفسه حراما فليس [بزان (3)] بإجماع وإن كان مخطئا، إلا أن يدعي من ذلك ما لا يعذر بجهله. وقول بعض السلف في الجمع بين الأختين بملك اليمين: (أحلتهما آية وحرمتهما