منسوخة بقوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم). وقول خامس - وهو الفرق بين الحضر والسفر، فيمنع إذا كان مقيما معه في المصر. فإذا احتاج أن يسافر من أجله فله أن يأخذ ما يحتاج إليه، ولا يقتني شيئا، قاله أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد. وقول سادس - قال أبو قلابة: فليأكل بالمعروف مما يجني من الغلة، فأما المال الناض (1) فليس له أن يأخذ منه شيئا قرضا ولا غيره. وقول سابع - روى عكرمة عن ابن عباس (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) قال: إذا احتاج واضطر. وقال الشعبي: كذلك إذا كان منه بمنزلة الدم ولحم الخنزير أخذ منه، فإن وجد أو في. قال النحاس: وهذا لا معنى له لأنه إذا اضطر هذا الاضطرار كان له أخذ ما يقيمه من مال يتيمه أو غيره من قريب أو بعيد. وقال ابن عباس أيضا والنخعي: المراد أن يأكل الوصي بالمعروف من مال نفسه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم، فيستعفف الغنى بغناه، والفقير يقتر (2) على نفسه حتى لا يحتاج إلى مال يتيمه. قال النحاس: وهذا من أحسن ما روي في تفسير الآية، لان أموال الناس محظورة لا يطلق شئ منها إلا بحجة قاطعة.
قلت: وقد اختار هذا القول الكيا الطبري في أحكام القرآن له، فقال: (توهم متوهمون من السلف بحكم الآية أن للوصي أن يأكل (3) من مال الصبي قدرا لا ينتهى إلى حد السرف، وذلك خلاف ما أمر الله تعالى به من قوله: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) ولا يتحقق ذلك في [مال (4)] اليتيم. فقوله: (ومن كان غنيا فليستعفف) يرجع إلى [أكل (3)] مال نفسه دون مال اليتيم. فمعناه ولا تأكلوا أموال اليتيم مع أموالكم، بل اقتصروا على أكل أموالكم. وقد دل عليه قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا). وبان بقوله تعالى: (ومن كان غثيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) الاقتصار على البلغة، حتى لا يحتاج إلى أكل مال اليتيم، فهذا تمام معنى الآية.