ومجاهد وأبو العالية، وهو قول الأوزاعي. ولا يستسلف أكثر من حاجته. قال عمر: ألا انى أنزلت نفسي من مال الله منزلة الولي من مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت. روى عبد الله بن المبارك عن عاصم عن أبي العالية (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) قال: قرضا - ثم تلا (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم). وقول ثان - روي عن إبراهيم وعطاء والحسن البصري والنخعي وقتادة: لا قضاء على الوصي الفقير فيما يأكل بالمعروف، لان ذلك حق النظر، وعليه الفقهاء. قال الحسن:
هو طعمة من الله له، وذلك أنه يأكل ما يسد جوعته، ويكتسي ما يستر عورته، ولا يلبس الرفيع من الكتان ولا الحلل. والدليل على صحة هذا القول إجماع الأمة على أن الامام الناظر للمسلمين لا يجب عليه غرم ما أكل بالمعروف، لان الله تعالى قد فرض سهمه في مال الله.
فلا حجة لهم في قول عمر: فإذا أيسرت قضيت - أن لو صح. وقد روي عن ابن عباس وأبي العالية والشعبي أن الاكل بالمعروف هو كالانتفاع بألبان المواشي، واستخدام العبيد، وركوب الدواب إذا لم يضر بأصل المال، كما يهنأ (1) الجرباء، وينشد الضالة، ويلوط (2) الحوض، ويجذ التمر. فأما أعيان الأموال وأصولها فليس للوصي أخذها. وهذا كله يخرج مع قول الفقهاء: إنه يأخذ بقدر أجر عمله، وقالت به طائفة وأن ذلك هو المعروف، ولا قضاء عليه، والزيادة على ذلك محرمة. وفرق الحسن بن صالح بن حي - ويقال ابن حيان - بين وصي الأب والحاكم، فلوصي الأب أن يأكل بالمعروف، وأما وصي الحاكم فلا سبيل له إلى المال بوجه، وهو القول الثالث. وقول رابع روي عن مجاهد قال: ليس له أن يأخذ قرضا ولا غيره. وذهب إلى أن الآية منسوخة، نسخها قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم (3)) وهذا ليس بتجارة. وقال زيد بن أسلم: إن الرخصة في هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) الآية. وحكى بشر بن الوليد عن أبي يوسف قال: لا أدري، لعل هذه الآية