حكاه ابن المنذر. وروى بعضهم في سبب الآية أن قوما من الأنصار كانت أبواب دورهم شارعة في المسجد، فإذا أصاب أحدهم الجنابة اضطر إلى المرور في المسجد.
قلت: وهذا صحيح، يعضده ما رواه أبو داود عن جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: (وجهوا هذه البيوت عن المسجد). ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل لهم (1) رخصة فخرج إليهم فقال: (وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب). وفي صحيح مسلم: (لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة (2) أبي بكر). فأمر صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب لما كان يؤدي [ذلك (3)] إلى اتخاذا المسجد طريقا والعبور فيه. واستثنى خوخة أبي بكر إكراما له وخصوصية، لأنهما كانا لا يفترقان غالبا. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن أذن لاحد أن يمر في المسجد ولا يجلس فيه إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ورواه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ينبغي لمسلم ولا يصلح أن يجنب في المسجد إلا أنا وعلي). قال علماؤنا وهذا يجوز أن يكون ذلك، لان بيت علي كان في المسجد، كما كان بيت النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، وإن كان البيتان لم يكونا في المسجد ولكن كانا متصلين بالمسجد وأبوابهما كانت في المسجد فجعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد فقال: (ما ينبغي لمسلم) الحديث. والذي يدل على أن بيت علي كان في المسجد ما رواه ابن شهاب عن سالم بن عبد الله قال: سأل رجل أبي عن علي وعثمان رضي الله عنهما أيهما كان خيرا؟ فقال له عبد الله بن عمر: هذا بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم! وأشار إلى بيت علي إلى جنبه، لم يكن في المسجد غيرهما، وذكر الحديث. فلم يكونا يجنبان في المسجد وإنما كانا يجنبان في بيوتهما، وبيوتهما من المسجد إذ كان أبوابهما فيه، فكانا يستطرقانه في حال الجنابة إذا خرجا من بيوتهما. ويجوز أن