العاشرة - قوله تعالى: (الا عابري سبيل) يقال: عبرت الطريق أي قطعته من جانب إلى جانب. وعبرت النهر عبورا، وهذا عبر النهر أي شطه، ويقال: [عبر (1) بالضم]. والمعبر ما يعبر عليه من سفينة أو قنطرة. وهذا عابر السبيل أي مار الطريق. وناقة عبر أسفار: لا تزال يسافر عليها ويقطع بها الفلاة والهاجرة لسرعة مشيها. قال الشاعر:
عيرانة سرح اليدين شملة * عبر الهواجر كالهزف الخاضب (2) وعبر القوم ماتوا. وأنشد:
قضاء الله يغلب كل شئ * ويلعب بالجزوع وبالصبور فإن نعبر فإن لنا لمات * وإن نغبر فنحن على نذور يقول: إن متنا فلنا أقران، وإن بقينا فلا بد لنا من الموت، حتى كأن علينا في إتيانه نذورا.
الحادية عشرة - واختلف العلماء في قوله: (إلا عابري سبيل) فقال علي رضي الله عنه وابن عباس وابن جبير ومجاهد والحكم: عابر السبيل المسافر. ولا يصح لاحد أن يقرب الصلاة وهو جنب إلا بعد الاغتسال، إلا المسافر فإنه يتيمم، وهذا قول أبي حنيفة، لان الغالب في الماء لا يعدم في الحضر، فالحاضر يغتسل لوجود الماء، والمسافر يتيمم إذا لم يجده. قال ابن المنذر: وقال أصحاب الرأي في الجنب المسافر يمر على مسجد فيه عين ماء يتيمم الصعيد ويدخل المسجد ويستقي منها ثم يخرج الماء من المسجد. ورخصت طائفة في دخول الجنب المسجد. واحتج بعضهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن ليس بنجس). قال ابن المنذر: وبه نقول. وقال ابن عباس أيضا وابن مسعود وعكرمة والنخعي: عابر السبيل الخاطر المجتاز، وهو قول عمرو بن دينار ومالك والشافعي. وقالت طائفة: لا يمر الجنب في المسجد إلا ألا يجد بدا فيتيمم ويمر فيه، هكذا قال الثوري وإسحاق ابن راهويه. وقال أحمد وإسحاق في الجنب: إذا توضأ لا بأس أن يجلس في المسجد،