لا تفرق بيننا ولكن حثه على أن يزيد في نفقتي ويحسن إلي، علم أن النشوز ليس من قبلها.
فإذا ظهر لهما الذي كان النشوز من قبله يقبلان عليه بالعظة والزجر والنهى، فذلك قوله تعالى: (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها).
الثالثة - قال العلماء: قسمت هذه الآية النساء تقسيما عقليا، لأنهن إما طائعة وإما ناشز، والنشوز إما أن يرجع إلى الطواعية أو لا. فإن كان الأول تركا، لما رواه النسائي أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة فكان إذا دخل عليها تقول:
يا بني هاشم، والله لا يحبكم قلبي أبدا! أين الذين أعناقهم كأباريق الفضة! ترد أنوفهم قبل شفاههم، أين عتبة بن ربيعة، أين شيبة بن ربيعة، فيسكت عنها، حتى دخل عليها يوما وهو برم فقالت له: أين عتبة بن ربيعة؟ فقال: على يسارك في النار إذا دخلت، فنشرت عليها ثيابها، فجاءت عثمان فذكرت له ذلك، فأرسل ابن عباس ومعاوية، فقال ابن عباس:
لأفرقن بينهما، وقال معاوية: ما كنت لا فرق بين شيخين من بني عبد مناف. فأتياهما فوجدا هما قد سدا عليهما أبوابهما وأصلحا أمرهما. فإن وجداهما قد اختلفا ولم يصطلحا وتفاقم أمرهما سعيا في الألفة جهدهما، وذكرا بالله وبالصحبة. فإن أنابا ورجعا تركاهما، وإن كانا غير ذلك ورأيا الفرقة فرقا بينهما. وتفريقهما جائز على الزوجين، وسواء وافق حكم قاضي البلد أو خالفه، وكلهما الزوجان بذلك أو لم يوكلاهما. والفراق في ذلك طلاق بائن.
وقال قوم: ليس لهما الطلاق ما لم يوكلهما الزوج في ذلك، وليعرفا الامام، وهذا بناء على أنهما رسولان شاهدان. ثم الامام يفرق إن أراد ويأمر الحكم بالتفريق. وهذا أحد قولي الشافعي، وبه قال الكوفيون، وهو قول عطاء وابن زيد والحسن، وبه قال أبو ثور.
والصحيح الأول، وأن للحكمين التطليق دون توكيل، وهو قول مالك والأوزاعي وإسحاق وروي عن عثمان وعلي وابن عباس، وعن الشعبي والنخعي، وهو قول الشافعي، لان الله تعالى قال: (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) وهذا نص من الله سبحانه بأنهما قاضيان لا وكيلان ولا شاهدان. وللوكيل اسم في الشريعة ومعنى، وللحكم اسم في الشريعة