قال: (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس) حين خسف به وبداره وبأمواله (لولا أن من الله علينا لخسف بنا) وقال الكلبي: لا يتمن الرجل مال أخيه ولا امرأته ولا خادمه ولا دابته، ولكن ليقل: اللهم ارزقني مثله. وهو كذلك في التوراة، وكذلك قوله في القرآن (واسألوا الله من فضله). وقال ابن عباس: نهى الله سبحانه أن يتمنى الرجل مال فلان وأهله، وأمر عباده المؤمنين أن يسألوه من فضله. ومن الحجة للجمهور قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الدنيا لأربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل به رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء) الحديث... وقد تقدم. خرجه الترمذي وصححه. وقال الحسن: لا يتمن أحدكم المال وما يدريه لعل هلاكه فيه، وهذا إنما يصح إذا تمناه للدنيا، وأما إذا تمناه للخير فقد جوزه الشرع، فيتمناه العبد ليصل به إلى الرب، ويفعل الله ما يشاء.
الثالثة - قوله تعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا) يريد من الثواب والعقاب (وللنساء) كذلك، قاله قتادة. فللمرأة الجزاء على الحسنة بعشر أمثالها كما للرجال. وقال ابن عباس: المراد بذلك الميراث. والاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة، للذكر مثل حظ الأنثيين، فنهى الله عز وجل عن التمني على هذا الوجه لما فيه من دواعي الحسد، ولأن الله تعالى أعلم بمصالحهم منهم، فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم.
الرابعة - قوله تعالى: (واسألوا الله من فضله) روى الترمذي عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله من فضله فإنه يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج) وخرج أيضا ابن ماجة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من لم يسأل الله يغضب عليه). وهذا يدل على أن الامر بالسؤال لله تعالى واجب، وقد أخذ بعض العلماء هذا المعنى فنظمه فقال:
الله يغضب إن تركت سؤاله * وبني آدم حين يسأل يغضب