الناصر المولى، ومنه قوله تعالى: (وأن الكافرين لا مولى (1) لهم). ويسمى ابن العم مولى والجار مولى. فأما قوله تعالى: (ولكل جعلنا موالي) يريد عصبة، لقوله عليه السلام:
(ما أبقت السهام فلأولى عصبة ذكر). ومن العصبات المولى الاعلى لا الأسفل، على قول أكثر العلماء، لان المفهوم في حق المعتق أنه المنعم على المعتق، كالموجد له، فاستحق ميراثه لهذا المعنى. وحكى الطحاوي عن الحسن بن زياد أن المولى الأسفل يرث من الأعلى، واحتج فيه بما روي أن رجلا أعتق عبد اله فمات المعتق ولم يترك الا المعتق فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه للغلام المعتق. قال الطحاوي: ولا معارض لهذا الحديث، فوجب القول به، ولأنه إذا أمكن إثبات الميراث للمعتق على تقدير أنه كان كالموجد له، فهو شبيه بالأب، والمولى الأسفل شبيه بالابن، وذلك يقتضي التسوية بينهما في الميراث، والأصل أن الاتصال يعم. وفي الخبر (مولى القوم منهم). والذين خالفوا هذا وهم الجمهور قالوا: الميراث يستدعي القرابة ولا قرابة، غير أنا أثبتنا للمعتق الميراث بحكم الانعام على المعتق، فيقتضي مقابلة الانعام بالمجازاة، وذلك لا ينعكس في المولى الأسفل. وأما الابن فهو أولى الناس بأن يكون خليفة أبيه وقائما مقامه، وليس المعتق صالحا لان يقوم مقام معتقه، وإنما المعتق قد أنعم عليه فقابله الشرع بأن جعله أحق بمولاه المعتق، ولا يوجد هذا في المولى الأسفل، فظهر الفرق بينهما والله أعلم.
الرابعة - قوله تعالى: (والذين عاقدت أيمانكم) روى علي بن كبشة (2) عن حمزة (عقدت) بتشديد القاف على التكثير. والمشهور عن حمزة (عقدت أيمانكم) مخففة القاف، وهي قراءة عاصم والكسائي، وهي قراءة بعيدة، لان المعاقدة لا تكون إلا من اثنين فصاعدا، فبابها فاعل. قال أبو جعفر النحاس: وقراءة حمزة تجوز على غموض في العربية، يكون التقدير فيها والذين عقدتهم أيمانكم الحلف، وتعدى إلى مفعولين، وتقديره: عقدت لهم أيمانكم الحلف، ثم حذفت اللام مثل قوله تعالى: (وإذا كالوهم (3)) أي كالوا لهم.
وحذف المفعول الثاني، كما يقال: كلتك أي كلت لك برا. وحذف المفعول الأول لأنه متصل في الصلة.