ولكن ليقل فتاي وفتاتي) وسيأتي. ولفظ الفتى والفتاة يطلق أيضا على (1) الأحرار في ابتداء الشباب، فأما في المماليك فيطلق في الشباب وفي الكبر.
الثامنة - قوله تعالى: (المؤمنات) بين بهذا أنه لا يجوز التزوج بالأمة الكتابية، فهذه الصفة مشترطة عند مالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، والثوري والأوزاعي والحسن البصري والزهري ومكحول ومجاهد. وقالت طائفة من أهل العلم منهم أصحاب الرأي:
نكاح الأمة الكتابية جائز. قال أبو عمر: ولا أعلم لهم سلفا في قولهم، إلا أبا ميسرة عمرو بن شرحبيل فإنه قال: إماء أهل الكتاب بمنزلة الحرائر منهن. قالوا: وقوله (المؤمنات) على جهة الوصف الفاضل وليس بشرط ألا يجوز غيرها، وهذا بمنزلة قوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فإن خاف ألا يعدل فتزوج أكثر من واحدة جاز، ولكن الأفضل ألا يتزوج، فكذلك هنا الأفضل ألا يتزوج إلا مؤمنة، ولو تزوج غير المؤمنة جاز.
واحتجوا بالقياس على الحرائر، وذلك أنه لما لم يمنع قوله: (المؤمنات) في الحرائر من نكاح الكتابيات فكذلك لا يمنع قوله: (المؤمنات) في الإماء من نكاح إماء الكتابيات. وقال أشهب في المدونة: جائز للعبد المسلم أن يتزوج أمة كتابية. فالمنع عده أن يفضل الزوج في الحرية والدين معا. ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز لمسلم نكاح مجوسية ولا وثنية، وإذا كان حراما بإجماع نكاحهما فكذلك وطؤهما بملك اليمين قياسا ونظرا. وقد روي عن طاوس ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار أنهم قالوا: لا بأس بنكاح الأمة المجوسية بملك اليمين.
وهو قول شاذ مهجور لم يلتفت إليه أحد من فقهاء (2) الأمصار. وقالوا: لا يحل أن يطأها حتى تسلم. وقد تقدم القول في هذه المسألة في (البقرة (3)) مستوفى. والحمد لله.
التاسعة - قوله تعالى: (والله أعلم بأيمانكم) المعنى أن الله عليم ببواطن الأمور ولكم ظواهرها، وكلكم بنو آدم وأكرمكم عند الله أتقاكم، فلا تستنكفوا من التزوج بالإماء عند الضرورة، وإن كانت حديثة عهد بسباء أو كانت خرساء وما أشبه ذلك. ففي اللفظ تنبيه على أنه ربما كان إيمان أمة أفضل من إيمان بعض الحرائر.