زنت، في مجالسهم. وقال أبو حنيفة: يقيم الحدود على العبيد والإماء السلطان دون المولى في الزنى وسائر الحدود، وهو قول الحسن بن حي. وقال الشافعي: يحده المولى في كل حد ويقطعه، واحتج بالأحاديث التي ذكرنا. وقال الثوري والأوزاعي: يحده في الزنى، وهو مقتضى الأحاديث، والله أعلم. وقد مضى القول في تغريب العبيد في هذه السورة.
السادسة عشرة - فإن زنت الأمة ثم عتقت قبل أن يحدها سيدها لم يكن له سبيل إلى حدها، والسلطان يجلدها إذا ثبت ذلك عنده، فإن زنت ثم تزوجت لم يكن لسيدها أن يجلدها أيضا لحق الزوج، إذ قد يضره ذلك. وهذا مذهب مالك إذا لم يكن الزوج ملكا للسيد، فلو كان، جاز للسيد ذلك لان حقهما حقه.
السابعة عشرة - فإن أقر العبد بالزنى وأنكره المولى فإن الحد يجب على العبد لاقراره، ولا التفات لما أنكره المولى، وهذا مجمع عليه بين العلماء. وكذلك المدبر (1) وأم الولد والمكاتب والمعتق بعضه. وأجمعوا أيضا على أن الأمة إذا زنت ثم أعتقت حدت حد الإماء، وإذا زنت وهي لا تعلم بالعتق ثم علمت وقد حدت أقيم عليها تمام حد الحرة، ذكره ابن المنذر.
الثامنة عشرة - واختلفوا في عفو السيد عن عبده وأمته إذا زنيا، فكان الحسن البصري يقول: له أن يعفو. وقال غير الحسن: لا يسعه إلا إقامة الحد، كما لا يسع السلطان أن يعفو عن حد إذا علمه، لم يسع السيد كذلك أن يعفو عن أمته إذا وجب عليها الحد، وهذا [على (2)] مذهب أبي ثور. قال ابن المنذر: وبه نقول.
التاسعة عشرة - قوله تعالى: (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) أي الجلد ويعني بالمحصنات ها هنا الأبكار الحرائر، لان الثيب عليها الرجم والرجم لا يتبعض، وإنما قيل للبكر محصنة وإن لم تكن متزوجة، لان الاحصان يكون بها، كما يقال: أضحية قبل أن يضحي بها، وكما يقال للبقرة: مثيرة قبل أن تثير. وقيل: (المحصنات) المتزوجات، لان عليها الضرب والرجم في الحديث، والرجم لا يتبعض فصار عليهن نصف الضرب. والفائدة في نقصان حدهن أنهن أضعف من الحرائر. ويقال: إنهن لا يصلن إلى مرادهن كما تصل الحرائر. وقيل (3):