الحادية والعشرون - " من " في قوله " فمن تعجل " رفع بالابتداء، والخبر " فلا إثم عليه ".
ويجوز في غير القرآن فلا إثم عليهم، لان معنى " من " جماعة، كما قال عز وجل: " ومنهم من يستمعون إليك (1) " وكذا " ومن تأخر فلا إثم عليه ". واللام من قوله: " لمن اتقى " متعلقة بالغفران، التقدير المغفرة لمن اتقى، وهذا على تفسير ابن مسعود وعلى. قال قتادة: ذكر لنا أن ابن مسعود قال: إنما جعلت المغفرة لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي.
وقال الأخفش: التقدير ذلك لمن اتقى. وقال بعضهم: لمن اتقى يعنى قتل الصيد في الاحرام وفى الحرم. وقيل التقدير الإباحة لمن اتقى، روى هذا عن ابن عمر. وقيل: السلامة لمن اتقى. وقيل: هي متعلقة بالذكر الذي في قوله تعالى: " واذكروا " أي الذكر لمن اتقى. وقرأ سالم بن عبد الله " فلا أثم عليه " بوصل الألف تخفيفا، والعرب قد تستعمله. قال الشاعر:
* إن لم أقاتل فألبسوني برقعا * ثم أمر الله تعالى بالتقوى وذكر بالحشر والوقوف.
قوله تعالى: ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام (204) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله) لما ذكر الذين قصرت همتهم على الدنيا - في قوله: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا " - والمؤمنين الذين سألوا خير الدارين ذكر المنافقين، لأنهم أظهروا الايمان وأسروا الكفر. قال السدى وغيره من المفسرين: نزلت في الأخنس بن شريق، واسمه أبى، والأخنس لقب لقب به، لأنه خنس يوم بدر بثلاثمائة رجل من حلفائه من بنى زهرة عن قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، على ما يأتي في " آل عمران " بيانه. وكان رجلا حلو القول والمنظر، فجاء بعد ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأظهر الاسلام وقال: الله يعلم أنى صادق، ثم هرب بعد ذلك، فمر بزرع لقوم من المسلمين وبحمر فأحرق الزرع وعقر الحمر. قال المهدوي: وفيه نزلت " ولا تطع كل حلاف