كان عليه بكل حصاة من الجمرة إطعام مسكين نصف صاع، إلى أن يبلغ دما فيطعم ما شاء، إلا جمرة العقبة فعليه دم. وقال الأوزاعي: يتصدق إن ترك حصاة. وقال الثوري: يطعم في الحصاة والحصاتين والثلاث، فإن ترك أربعة فصاعدا فعليه دم. وقال الليث: في الحصاة الواحدة دم، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الآخر وهو المشهور: إن في الحصاة الواحدة مدا من طعام، وفي حصاتين مدين، وفي ثلاث حصيات دم.
الرابعة - ولا سبيل عند الجميع إلى رمى ما فاته من الجمار في أيام التشريق حتى غابت الشمس من آخرها، وذلك اليوم الرابع من يوم النحر، وهو الثالث من أيام التشريق، ولكن يجزئه الدم أو الاطعام على حسب ما ذكرنا.
الخامسة - ولا تجوز البيتوتة بمكة وغيرها عن منى ليالي التشريق، فإن ذلك غير جائز عند الجميع إلا للرعاء ولمن ولى السقاية من آل العباس. قال مالك: من ترك المبيت ليلة من ليالي منى من غير الرعاء وأهل السقاية فعليه دم. روى البخاري عن ابن عمر أن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له. قال ابن عبد البر: كان العباس ينظر في السقاية ويقوم بأمرها، ويسقى الحاج شرابها أيام الموسم، فلذلك أرخص له في المبيت عن منى، كما أرخص لرعاء الإبل من أجل حاجتهم لرعي الإبل وضرورتهم إلى الخروج بها نحو المراعى التي تبعد عن منى.
وسميت منى " منى " لما يمنى فيها من الدماء، أي يراق. وقال ابن عباس: إنما سميت منى لان جبريل قل لآدم عليه السلام: تمن. قال: أتمنى الجنة، فسميت منى. قال:
وإنما سميت جمعا لأنه اجتمع بها حواء وآدم عليهما السلام، والجمع أيضا هو المزدلفة، وهو المشعر الحرام، كما تقدم (1).
السادسة - وأجمع الفقهاء على أن المبيت للحاج غير الذين رخص لهم ليالي منى بمنى من شعائر الحج ونسكه، والنظر يوجب على كل مسقط لنسكه دما، قياسا على سائر الحج ونسكه.