ومدحه والاظهار ومدحه، فيجوز أن يتوجه إليهما جميعا. وقال النقاش: إن هذه الآية نسخها قوله تعالى: " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " الآية.
قوله تعالى: (فنعما هي) ثناء على إبداء الصدقة، ثم حكم على أن الاخفاء خير من ذلك. ولذلك قال بعض الحكماء: إذا اصطنعت المعروف فاستره، وإذا اصطنع إليك فانشره. قال دعبل الخزاعي:
إذا انتقموا أعلنوا أمرهم * وإن أنعموا أنعموا باكتتام وقال سهل بن هارون:
خل إذا جئته يوما لتسأله * أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا يخفى صنائعه والله يظهرها * إن الجميل إذا أخفيته ظهرا وقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال:
تعجيله وتصغيره وستره، فإذا أعجلته هنيته، وإذا صغرته عظمته، وإذا سترته أتممته. وقال بعض الشعراء فأحسن:
زاد معروفك عندي عظما * أنه عندك مستور حقير تتناساه كأن لم تأته * وهو عند الناس مشهور خطير واختلف القراء في قوله " فنعما هي " فقرأ أبو عمرو ونافع في رواية ورش وعاصم في رواية حفص وابن كثير " فنعما هي " بكسر النون والعين. وقرأ أبو عمرو أيضا ونافع في غير رواية ورش وعاصم في رواية أبى بكر والمفضل " فنعما " بكسر النون وسكون العين.
وقرأ الأعمش وابن عامر وحمزة والكسائي " فنعما " بفتح النون وكسر العين، وكلهم سكن الميم. ويجوز في غير القرآن فنعم ما هي. قال النحاس: ولكنه في السواد متصل فلزم الادغام. وحكى النحويون في " نعم " أربع لغات: نعم الرجل زيد، هذا الأصل. ونعم الرجل، بكسر النون لكسر العين. ونعم الرجل، بفتح النون وسكون العين، والأصل نعم حذفت الكسرة لأنها ثقيلة. ونعم الرجل، وهذا أفصح اللغات، والأصل فيها نعم. وهي تقع في كل مدح، فخففت وقلبت كسرة العين على النون وأسكنت العين، فمن قرأ " فنعما هي " فله تقديران: أحدهما أن يكون جاء به على لغة من يقول نعم. والتقدير الآخر أن يكون على