ما جاء في حديث أبي ذر، أخرجه الآجري وأبو حاتم البستي. وقيل: نوح، لحديث الشفاعة، فإن الناس يقولون له: أنت أول الرسل. وقيل: إدريس، وسيأتي بيان هذا في " الأعراف " إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: (مبشرين ومنذرين) نصب على الحال. (وأنزل معهم الكتاب) اسم جنس بمعنى الكتب. وقال الطبري: الألف واللام في الكتاب للعهد، والمراد التوراة.
و (ليحكم) مسند إلى الكتاب في قول الجمهور، وهو نصب بإضمار أن، أي لان يحكم، وهو مجاز مثل " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق (2) ". وقيل: أي ليحكم كل نبي بكتابه، وإذا حكم بالكتاب فكأنما حكم الكتاب. وقراءة عاصم الجحدري " ليحكم بين الناس " على ما لم يسم فاعله، وهي قراءة شاذة، لأنه قد تقدم ذكر الكتاب. وقيل: المعنى ليحكم الله، والضمير في " فيه " عائد على " ما " من قوله: " فيما " والضمير في " فيه " الثانية يحتمل أن يعود على الكتاب، أي وما اختلف في الكتاب إلا الذين أوتوه. موضع " الذين " رفع بفعلهم. و " أتوه " بمعنى أعطوه. وقيل: يعود على المنزل عليه، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، قاله الزجاج. أي وما اختلف في النبي عليه السلام إلا الذين أعطوا علمه. (بغيا بينهم) نصب على المفعول له، أي لم يختلفوا إلا للبغي، وقد تقدم (3) معناه.
وفى هذا تنبيه على السفه (4) في فعلهم، والقبح الذي واقعوه. و " هدى " معناه أرشد، أي فهدى الله أمة محمد إلى الحق بأن بين لهم ما اختلف فيه من كان قبلهم. وقالت طائفة: معنى الآية أن الأمم كذب بعضهم كتاب بعض، فهدى الله تعالى أمة محمد للتصديق بجميعها.
وقالت طائفة: إن الله هدى المؤمنين للحق فيما اختلف فيه أهل الكتابين، من قولهم: إن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا. وقال ابن زيد وزيد بن أسلم: من قبلتهم، فإن اليهود إلى بيت المقدس، والنصارى إلى المشرق، ومن يوم الجمعة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " هذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فلليهود غد وللنصارى بعد غد " ومن صيامهم، ومن جميع ما اختلفوا فيه. وقال ابن زيد: