لم ينصرفا، وكذلك داود، والجمع طواليت وجواليت ودواويد، ولو سميت رجلا بطاوس وراقود (1) لصرفت وإن كان أعجميين. والفرق بين هذا والأول أنك تقول: الطاوس، فتدخل الألف واللام فيمكن في العربية ولا يمكن هذا في ذاك.
قوله تعالى: (أنى يكون له الملك علينا) أي كيف يملكنا ونحن أحق بالملك منه؟.
جروا على سنتهم في تعنيتهم الأنبياء وحيدهم عن أمر الله تعالى فقالوا: " أنى " أي من أي جهة، ف " أنى " في موضع نصب على الظرف، ونحن من سبط الملوك وهو ليس كذلك وهو فقير، فتركوا السبب الأقوى وهو قدر الله تعالى وقضاؤه السابق حتى احتج عليهم نبيهم بقوله: (إن الله اصطفاه) أي اختاره وهو الحجة القاطعة، وبين لهم مع ذلك تعليل اصطفاء طالوت، وهو بسطته في العلم الذي هو ملاك الانسان، والجسم الذي هو معينه في الحرب وعدته عند اللقاء، فتضمنت بيان صفة الامام وأحوال الإمامة، وأنها مستحقة بالعلم والدين والقوة لا بالنسب، فلا حظ للنسب فيها مع العلم وفضائل النفس وأنها متقدمة عليه، لان الله تعالى أخبر أنه اختاره عليهم لعلمه وقوته، وإن كانوا أشرف منتسبا. وقد مضى في أول السورة من ذكر الإمامة وشروطها ما يكفي ويغنى (2). وهذه الآية أصل فيها. قال ابن عباس: كان طالوت يومئذ أعلم رجل في بني إسرائيل وأجمله وأتمه، وزيادة الجسم مما يهيب العدو. وقيل: سمى طالوت لطوله. وقيل: زيادة الجسم كانت بكثرة معاني الخير والشجاعة، ولم يرد عظم الجسم، ألم تر إلى قول الشاعر (3):
ترى الرجل النحيف فتزدريه * وفى أثوابه أسد هصور (4) ويعجبك الطرير فتبتليه * فيخلف ظنك الرجل الطرير (5) وقد عظم البعير بغير لب * فلم يستغن بالعظم البعير