قلت: وهذا الخبر مع الآية والمعنى، ينفى رضاعة الكبير وأنه لا حرمة له. وقد روى عن عائشة القول به. وبه يقول الليث بن سعد من بين العلماء. وروى عن أبي موسى الأشعري أنه كان يرى رضاع الكبير. وروى عنه الرجوع عنه. وسيأتي في سورة " النساء " مبينا إن شاء الله تعالى (1).
السادسة - قال جمهور المفسرين: إن هذين الحولين لكل ولد. وروى عن ابن عباس أنه قال: هي في الولد يمكث في البطن ستة أشهر، فإن مكث سبعة أشهر فرضاعه ثلاثة وعشرون شهرا، فإن مكث ثمانية أشهر فرضاعه اثنان وعشرون شهرا، فإن مكث تسعة أشهر فرضاعه أحد وعشرون شهرا، لقوله تعالى: " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ".
وعلى هذا نتداخل مدة الحمل ومدة الرضاع ويأخذ الواحد من الآخر.
السابعة - قوله تعالى: (وعلى المولود له) أي وعلى الأب. ويجوز في العربية " وعلى المولود لهم " كقوله تعالى: " ومنهم من يستمعون إليك (2) " لان المعنى وعلى الذي ولد له و " الذي " يعبر به عن الواحد والجمع كما تقدم.
الثامنة - قوله تعالى: (رزقهن وكسوتهن) الرزق في هذا الحكم الطعام الكافي، وفى هذا دليل على وجوب نفقة الولد على الوالد (3) لضعفه وعجزه. وسماه الله سبحانه للام، لان الغذاء يصل إليه بواسطتها في الرضاع كما قال: " وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن (4) " لان الغذاء لا يصل إلا بسببها.
وأجمع العلماء على أن على المرء نفقة ولده الأطفال الذين لا مال لهم. وقال صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة وقد قالت له: إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنى إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل على في ذلك جناح؟ فقال -:
" خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ". والكسوة: اللباس. وقوله: " بالمعروف " أي بالمتعارف في عرف الشرع من غير تفريط ولا إفراط. ثم بين تعالى أن الانفاق على قدر غنى الزوج ومنصبها من غير تقدير مد ولا غيره بقوله تعالى: (لا تكلف نفس إلا وسعها)