والحجة له قوله تعالى: " فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم "، ولم يذكر كفارة، وأيضا فإن هذا يتركب على أن لغو اليمين ما حلف على معصية، وترك وطئ الزوجة معصية.
قلت: وقد يستدل لهذا القول من السنة بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتركها فإن تركها كفارتها " خرجه ابن ماجة في سننه. وسيأتي لها مزيد بيان في آية الايمان إن شاء الله (1) تعالى. وحجة الجمهور قوله عليه السلام: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ". الموفية عشرين - إذا كفر عن يمينه سقط عنه الايلاء، قاله علماؤنا. وفى ذلك دليل على تقديم الكفارة على الحنث في المذهب، وذلك إجماع في مسألة الايلاء، ودليل على أبي حنيفة في مسألة الايمان، إذ لا يرى جواز تقديم الكفارة على الحنث، قاله ابن العربي.
الحادية والعشرون - قلت (2): بهذه الآية استدل محمد بن الحسن على امتناع جواز الكفارة قبل الحنث فقال: لما حكم الله تعالى للمولى بأحد الحكمين من فئ أو عزيمة الطلاق، فلو جاز تقديم الكفارة على الحنث لبطل الايلاء بغير فئ أو (3) عزيمة الطلاق، لأنه إن حنث لا يلزمه بالحنث شئ، ومتى لم يلزم الحانث بالحنث شئ لم يكن موليا. وفى جواز تقديم الكفارة إسقاط حكم الايلاء بغير ما ذكر الله، وذلك خلاف الكتاب.
الثانية والعشرون - قال الله تعالى: (وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم).
العزيمة (4): تتميم العقد على الشئ، يقال: عزم عليه يعزم عزما (بالضم) وعزيمة وعزيما وعزمانا، واعتزم اعتزاما، وعزمت عليك لتفعلن، أي أقسمت عليك. قال شمر: العزيمة والعزم ما عقدت عليه نفسك من أمر أنك فاعله. والطلاق من طلقت المرأة تطلق (على وزن نصر ينصر) طلاقا، فهي طالق وطالقة أيضا. قال الأعشى:
* أيا جارتا بيني فإنك طالقة (5) *