قال عبد الله بن عباس: كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك يقصدون بذلك إيذاء المرأة عند المساءة، فوقت لهم أربعة أشهر، فمن آلى بأقل من ذلك فليس بإيلاء حكمي.
قلت: وقد آلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلق، وسبب إيلائه سؤال نسائه إياه من النفقة ما ليس عنده، كذا في صحيح مسلم. وقيل: لان زينب ردت عليه هديته، فغضب صلى الله عليه وسلم فآلى منهن، ذكره ابن ماجة.
الثانية - ويلزم الايلاء كل من يلزمه الطلاق، فالحر والعبد والسكران يلزمه الايلاء.
وكذلك السفيه والمولى عليه إذا كان بالغا غير مجنون، وكذلك الخصي إذا لم يكن مجبوبا، والشيخ إذا كان فيه بقية رمق ونشاط. واختلف قول الشافعي في المجبوب إذا آلى، ففي، قول: لا إيلاء له. وفى قول: يصح إيلاؤه، والأول أصح وأقرب إلى الكتاب والسنة، فإن الفئ هو الذي يسقط اليمين، والفئ بالقول لا يسقطها، فإذا بقيت اليمين المانعة من الحنث بقى حكم الايلاء. وإيلاء الأخرس بما يفهم عنه من كتابة أو إشارة مفهومة لازم له، وكذلك الأعجمي إذا آلى من نسائه.
الثالثة - واختلف العلماء فيما يقع به الايلاء من اليمين، فقال قوم: لا يقع الايلاء إلا باليمين بالله تعالى وحده لقوله عليه السلام: " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ".
وبه قال الشافعي في الجديد. وقال ابن عباس: كل يمين منعت جماعا فهي إيلاء، وبه قال الشعبي والنخعي ومالك وأهل الحجاز وسفيان الثوري وأهل العراق، والشافعي في القول الآخر، وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر والقاضي أبو بكر بن العربي. قال ابن عبد البر: وكل يمين لا يقدر صاحبها على جماع امرأته من أجلها إلا بأن يحنث فهو بها مول، إذا كانت يمينه على أكثر من أربعة أشهر، فكل من حلف بالله أو بصفة من صفاته أو قال: أقسم بالله، أو أشهد بالله، أو على عهد الله وكفالته وميثاقه وذمته فإنه يلزمه الايلاء. فإن قال: أقسم أو أعزم ولم يذكر ب " الله " فقيل: لا يدخل عليه الايلاء، إلا أن يكون أراد ب " الله " ونواه.