خلافا للفقراء (1). أما إن الحج دون تجارة أفضل، لعروها (2) عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيرها.
روى الدارقطني في سننه عن أبي أمامة التيمي قال قلت لابن عمر: إني رجل أكرى في هذا الوجه، وإن ناسا يقولون: إنه لا حج لك. فقال ابن عمر: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله مثل هذا الذي سألتني، فسكت حتى نزلت هذه الآية: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لك حجا).
قوله تعالى: " فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين " فيه ست (3) عشرة مسألة.
الأولى - قوله تعالى: " فإذا أفضتم " أي اندفعتم. ويقال: فاض الاناء إذا امتلأ حتى ينصب عن نواحيه. ورجل فياض، أي مندفق بالعطاء. قال زهير:
وأبيض فياض يداه غمامة * على معتفيه ما تغب فواضله (4) وحديث مستفيض، أي شائع.
الثانية - قوله تعالى: " من عرفات " قراءة الجماعة " عرفات " بالتنوين، وكذلك لو سميت امرأة بمسلمات، لان التنوين هنا ليس فرقا بين ما ينصرف وما لا ينصرف فتحذفه، وإنما هو بمنزلة النون في مسلمين. قال النحاس: هذا الجيد. وحكى سيبويه عن العرب حذف التنوين من عرفات، يقول: هذه عرفات يا هذا، ورأيت عرفات يا هذا، بكسر التاء وبغير تنوين، قال: لما جعلوها معرفة حذفوا التنوين. وحكى الأخفش والكوفيون فتح التاء، تشبيها بتاء فاطمة وطلحة. وأنشدوا:
تنورتها من أذرعات وأهلها * بيثرب أدنى دارها نظر عال والقول الأول أحسن، وأن التنوين فيه على حده في مسلمات، الكسرة مقابلة الياء في مسلمين والتنوين مقابل النون. وعرفات: اسم علم، سمي بجمع كأذرعات. وقيل: سمي