الادم فاشربوا في كل وعاء غير ألا تشربوا مسكرا) ونحوه. ومنها - أن يذكر الراوي التاريخ، مثل أن يقول: سمعت عام الخندق، وكان المنسوخ معلوما قبله. أو يقول: نسخ حكم كذا بكذا. ومنها - أن تجمع الأمة على حكم أنه منسوخ وأن ناسخه متقدم. وهذا الباب مبسوط في أصول الفقه، نبهنا منه على ما فيه لمن اقتصر كفاية، والله الموفق للهداية.
الثالثة عشرة - قرأ الجمهور " ما ننسخ " بفتح النون، من نسخ، وهو الظاهر المستعمل على معنى: ما نرفع من حكم آية ونبقي تلاوتها، كما تقدم. ويحتمل أن يكون المعنى: ما نرفع من حكم آية وتلاوتها، على ما ذكرناه. وقرأ ابن عامر " ننسخ " بضم النون، من أنسخت الكتاب، على معنى وجدته منسوخا. قال أبو حاتم: هو غلط: وقال الفارسي أبو علي: ليست لغة، لأنه لا يقال: نسخ وأنسخ بمعنى، إلا أن يكون المعنى ما نجده منسوخا، كما تقول: أحمدت الرجل وأبخلته، بمعنى وجدته محمودا وبخيلا. قال أبو علي: وليس نجده منسوخا إلا بأن ننسخه، فتتفق القراءتان في المعنى وإن اختلفتا في اللفظ. وقيل: " ما ننسخ " ما نجعل لك نسخه، يقال: نسخت الكتاب إذا كتبته، وانتسخته غيري إذا جعلت نسخه له. قال مكي:
ولا يجوز أن تكون الهمزة للتعدي، لان المعنى يتغير، ويصير المعنى ما ننسخك من آية يا محمد، وإنساخه إياها إنزالها عليه، فيصير المعنى ما ننزل عليك من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها، فيؤول المعنى إلى أن كل آية أنزلت أتى بخير منها، فيصير القرآن كله منسوخا وهذا لا يمكن، لأنه لم ينسخ إلا اليسير من القرآن. فلما امتنع أن يكون أفعل وفعل بمعنى إذ لم يسمع، وامتنع أن تكون الهمزة للتعدي لفساد المعنى، لم يبق ممكن إلا أن يكون من باب أحمدته وأبخلته إذا وجدته محمودا أو بخيلا.
الرابعة عشرة - قوله تعالى: " أو ننسها " قرأ أبو عمرو وابن كثير بفتح النون والسين والهمز، وبه قرأ عمر وابن عباس وعطاء ومجاهد وأبي بن كعب وعبيد بن عمير والنخعي وابن محيصن، من التأخير، أي نؤخر نسخ لفظها، أي نتركه في آخر (1) أم الكتاب فلا يكون (2). وهذا قول عطاء. وقال غير عطاء: معنى أو ننسأها: نؤخرها عن النسخ إلى وقت معلوم، من قولهم: