عليه وسلم: (خذي ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف). فأباح لها الاخذ وألا تأخذ إلا القدر الذي يجب لها. وهذا كله ثابت في الصحيح، وقوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " قاطع في موضع الخلاف.
الثالثة - واختلفوا إذا ظفر له بمال من غير جنس ماله، فقيل: لا يأخذ إلا بحكم الحاكم. وللشافعي قولان، أصحهما الاخذ، قياسا على ما لو ظفر له من جنس ماله. والقول الثاني لا يأخذ لأنه خلاف الجنس. ومنهم من قال: يتحرى قيمة ما له عليه ويأخذ مقدار ذلك. وهذا هو الصحيح لما بيناه من الدليل، والله أعلم.
الرابعة - وإذا فرعنا على الاخذ فهل يعتبر ما عليه من الديون وغير ذلك، فقال الشافعي: لا، بل يأخذ ماله عليه. وقال مالك: يعتبر ما يحصل له مع الغرماء في الفلس، وهو القياس، والله أعلم.
الخامسة - قوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم عموم متفق عليه، إما بالمباشرة إن أمكن، وإما بالحكام. واختلف الناس في المكافأة هل تسمى عدوانا أم لا، فمن قال: ليس في القرآن مجاز، قال: المقابلة عدوان، وهو عدوان مباح، كما أن المجاز في كلام العرب كذب مباح، لان قول القائل:
* فقالت له العينان سمعا وطاعة * وكذلك:
* امتلا الحوض وقال قطني * وكذلك:
* شكا إلى جملي طول السرى * ومعلوم أن هذه الأشياء لا تنطق. وحد الكذب: إخبار عن الشئ على خلاف ما هو به.
ومن قال في القرآن مجاز سمى هذا عدوانا على طريق المجاز ومقابلة الكلام بمثله، كما قال عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا