السماء حائل، فإذا خرج الرجل منهم بعد ذلك، أي من بعد إحرامه من بيته، فرجع لحاجة لا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف البيت أن يحول بينه وبين السماء، فكان يتسنم ظهر بيته على الجدران ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته فتخرج إليه من بيته. فكانوا يرون هذا من النسك والبر، كما كانوا يعتقدون أشياء نسكا، فرد عليهم فيها، وبين الرب تعالى أن البر في امتثال أمره. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: كان الناس في الجاهلية وفي أول الاسلام إذا أحرم رجل منهم بالحج فإن كان من أهل المدر - يعني من أهل البيوت - نقب في ظهر بيته فمنه يدخل ومنه يخرج، أو يضع سلما فيصعد منه وينحدر عليه. وإن كان من أهل الوبر - يعني أهل الخيام - يدخل من خلف الخيام الخيمة، إلا من كان من الحمس. وروى الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل زمن الحديبية بالعمرة فدخل حجرته ودخل خلفه رجل أنصاري من بني سلمة، فدخل وخرق عادة قومه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لم دخلت وأنت قد أحرمت). فقال: دخلت أنت فدخلت بدخولك. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أحمس " أي من قوم لا يدينون بذلك.
فقال له الرجل: وأنا ديني دينك، فنزلت الآية، وقاله ابن عباس وعطاء وقتادة. وقيل:
إن هذا الرجل هو قطبة بن عامر الأنصاري.
والحمس: قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وجشم (1) وبنو عامر بن صعصعة وبنو نصر ابن معاوية. وسموا حمسا لتشديدهم في دينهم. والحماسة الشدة. قال العجاج:
* وكم قطعنا من قفاف (2) حمس * أي شداد. ثم اختلفوا في تأويلها، فقيل ما ذكرنا، وهو الصحيح. وقيل: إنه النسئ وتأخير الحج به، حتى كانوا يجعلون الشهر الحلال حراما بتأخير الحج إليه، والشهر الحرام حلالا بتأخير الحج عنه، فيكون ذكر البيوت على هذا مثلا لمخالفة الواجب في الحج وشهوره.