قال الشاعر:
جارية في درعها الفضفاض * أبيض من أخت بني إباض جارية في رمضان الماضي * تقطع الحديث بالايماض وفضل رمضان عظيم، وثوابه جسيم، يدل على ذلك معنى الاشتقاق من كونه محرقا للذنوب، وما كتبناه من الأحاديث.
الثالثة - فرض الله صيام شهر رمضان أي مدة هلاله، وبه سمي الشهر، كما جاء في الحديث: (فإن غمي عليكم الشهر) أي الهلال، وسيأتي، وقال الشاعر:
أخوان من نجد على ثقة * والشهر مثل قلامة الظفر حتى تكامل في استدارته * في أربع زادت على عشر وفرض علينا عند غمة الهلال إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما، وإكمال عدة رمضان ثلاثين يوما، حتى ندخل في العبادة بيقين ونخرج عنها بيقين، فقال في كتابه " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم (1) " [النحل: 44]. وروى الأئمة الاثبات عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدد) في رواية (فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين). وقد ذهب مطرف بن عبد الله بن الشخير وهو من كبار التابعين وابن قتيبة من اللغويين فقالا: يعول على الحساب عند الغيم بتقدير المنازل واعتبار حسابها في صوم رمضان، حتى إنه لو كان صحوا لرؤي، لقوله عليه السلام: (فإن أغمي عليكم فاقدروا له) أي استدلوا عليه بمنازله، وقدروا إتمام الشهر بحسابه. وقال الجمهور: معنى (فاقدروا له) فأكملوا المقدار، يفسره حديث أبي هريرة (فأكملوا العدة). وذكر الداودي أنه قيل في معنى قوله " فاقدروا له ": أي قدروا المنازل. وهذا لا نعلم أحدا قال به إلا بعض أصحاب الشافعي أنه يعتبر في ذلك بقول المنجمين، والاجماع حجة عليهم. وقد روى ابن نافع عن مالك في الامام لا يصوم لرؤية الهلال ولا يفطر لرؤيته، وإنما يصوم ويفطر على الحساب: إنه لا يقتدى به