قال عطاء الخراساني: ثني يحيى بن يعمر، أن قيصر بعث رجلا يدعى قطمة بجيش من الروم، وبعث كسرى شهربراز، فالتقيا بأذرعات وبصرى، وهي أدنى الشام إليكم، فلقيت فارس الروم، فغلبتهم فارس، ففرح بذلك كفار قريش، وكرهه المسلمون، فأنزل الله آلم غلبت الروم في أدنى الأرض... الآيات، ثم ذكر مثل حديث عكرمة، وزاد:
فلم يزل شهربراز يطؤهم، ويخرب مدائنهم حتى بلغ الخليج ثم مات كسرى، فبلغهم موته، فانهزم شهربراز وأصحابه، وأوعبت عليهم الروم عند ذلك، فأتبعوهم يقتلونهم قال:
وقال عكرمة في حديثه: لما ظهرت فارس على الروم جلس فرخان يشرب، فقال لأصحابه:
لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى، فبلغت كسرى، فكتب إلى شهربراز: إذا أتاك كتابي فابعث إلي برأس فرخان، فكتب إليه: أيها الملك، إنك لن تجد مثل فرخان، إن له نكاية وضربا في العدو، فلا تفعل. فكتب إليه: إن في رجال فارس خلفا منه، فعجل إلي برأسه. فراجعه، فغضب كسرى فلم يجبه، وبعث بريدا إلى أهل فارس: إني قد نزعت عنكم شهربراز، واستعملت عليكم فرخان ثم دفع إلى البريد صحيفة صغيرة: إذا ولي فرخان الملك، وانقاد له أخوه، فأعطه هذه فلما قرأ شهربراز الكتاب، قال: سمعا وطاعة، ونزل عن سريره، وجلس فرخان، ودفع الصحيفة إليه، قال: ائتوني بشهربراز، فقدمه ليضرب عنقه، قال: لا تعجل حتى أكتب وصيتي، قال: نعم، فدعا بالسفط، فأعطاه ثلاث صحائف، وقال: كل هذا راجعت فيك كسرى، وأنت أردت أن تقتلني بكتاب واحد، فرد الملك، وكتب شهربراز إلى قيصر ملك الروم: إن لي إليك حاجة لا يحملها البريد، ولا تبلغها الصحف، فالقني، ولا تلقني إلا في خمسين روميا، فإني ألقاك في خمسين فارسيا فأقبل قيصر في خمس مئة ألف رومي، وجعل يضع العيون بين يديه في الطريق، وخاف أن يكون قد مكر به، حتى أتته عيونه أن ليس معه إلا خمسون رجلا، ثم بسط لهما، والتقيا في قبة ديباج ضربت لهما، مع كل واحد منهما سكين، فدعيا ترجمانا بينهما، فقال شهربراز: إن الذين خربوا مدائنك أنا وأخي، بكيدنا وشجاعتنا، وإن كسرى حسدنا، فأراد أن أقتل أخي، فأبيت، ثم أمر أخي أن يقتلني، فقد خلعناه جميعا، فنحن نقاتله معك، فقال: قد أصبتما، ثم أشار أحدهما إلى صاحبه أن السر بين اثنين، فإذا جاوز اثنين فشا.
قال: أجل، فقتلا الترجمان جميعا بسكينيهما، فأهلك الله كسرى، وجاء الخبر إلى رسول الله (ص) يوم الحديبية، ففرح ومن معه.